بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسنده وعضده وذراعه اليمنى سيدي صاحبالسمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس الشؤونالاقتصادية والتنمية، رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية – رعاهما الله – تخطو مدن بلادنا خطوات كبيرة نحو العالمالأوّل، وتشهد تنفيذ مشروعات عملاقة، تكفل لها نقلات عصرية نوعية، وتُسهم في تعزيز مكانتها في ترتيب أفضل المدنالعالمية، وبما يواكب مُستهدفات رؤية السعودية 2030، واهتمامها بمشروعات التطوير الحضري، التي منها: (مشروع مدينةالملك سلمان للطاقة، ونيوم، والرياض الخضراء، والقدية، وبوابة الدرعية، وتطوير العلا، وحديقة الملك سلمان، ومشروع سكاكا للطاقة الشمسية، ومصنع المواد المركبة لإنتاج هياكل الطائرات، وصنع في السعودية، ومبادرة السعودية الخضراء، وكذلك مبادرة الشرق الأوسط الأخضر)، والتي بدورها ستؤدي جميعًا إلى فتح مجالات جديدة للنشاط الاقتصادي، وخلق فرص عمل، ودفع التنمية الاقتصادية، بما يتماشى مع هذه “الرؤية”، التي تتضمّن كذلك هدف استضافة المزيد من ضيوف الرحمن من حُجَّاج ومُعتمرين وزوار للمسجد النبوي الشريف، وإثراء تجاربهم، وليُعتب هذا الهدف من الأهداف التي ترتبط بالتخطيط العمراني بصورة ضمنيَّة، حيث يستلزم تحقيقه على أرض الواقع، توفير المزيد من البنى التحتية.
كافة محافظات ومدن ومناطق بلادنا الغالية، بل حتى قراها وهجرها، تحظى باهتمام كبير من قيادتنا الرَّشيدة – أيدها الله –،وخير دليل عملي على ذلك، ما تشهده من نمو حضري، وتأسيس متين للبنى التحتيَّة لهذه التجمُّعات الحضريَّة، لتكون في ظل رؤية 2030، بيئات جاذبة ومُحفِّزة، لتشهد محافظة جدة مؤخرًا، مشروع طموح، تمثّل في إطلاق سيدي صاحب السمو الملكيالأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة،رئيس مجلس إدارة شركة وسط جدة للتطوير، المُخطط العام والملامح الرئيسة لمشروع: “وسط جدة”: (Jeddah Down Town)، بتاريخ 13 جمادى الأولى 1443هـ الموافق 17 ديسمبر 2021م، بإجمالي استثمارات تصل إلى 75 مليار ريال،خُصِّصت لتطوير 5.7 ملايين متر مربع، بتمويل من صندوق الاستثمارات العامة والمستثمرين من داخل المملكة العربية السعودية وخارجها. والذي يأتي إطلاقه، ضمن إطار اهتمام سمو ولي العهد، بتنمية جميع مناطق ومدن المملكة، وهو – يحفظه الله – من يقف دائمًا خلف مبادرات التطور والتقدّم والنهضة في بلادنا المباركة، وأيضًا ليتناغم هذا المشروع مع مُستهدفات رؤية المملكة 2030، حيث يهدف لصناعة وجهة عالمية في قلب جدة بإطلالة مباشرة على البحر الأحمر، تُسهم في تعزيزالمكانة الاقتصادية لمدينة جدة، ويستهدف تحقيق قيمة مضافة لاقتصاد المملكة بـ 47 مليار ريال بحلول العام 2030، حيث سيضم المشروع أربعة معالم عالمية رئيسة هي: “دار أوبرا، ومتحف، واستاد رياضي، وأحواض محيطية ومزارع مرجانية”،بالإضافة إلى 10 مشروعات ترفيهية وسياحية نوعية، ستُسهم في تقديم حلول متكاملة لقطاع الأعمال، وفتح المجال أمام القطاع الخاص المحلي للمشاركة في تطوير وتشغيل قطاعات اقتصادية واعدة: “سياحية، ورياضية، وثقافية، وترفيهية” بمعايير عالمية، بجانب قطاعات أخرى تشمل بناء وتطوير مناطق سكنية عصرية، تضم 17 ألف وحدة سكنية مع مشروعات فندقية متنوعة، توفّر أكثر من 2700 غرفة، كما سيضم المشروع مرسى بمواصفات عالمية ومنتجعات شاطئية خلابة، إلى جانب مجموعة كبيرة من الفنادق والمطاعم والمقاهي المحلية والعالمية الفاخرة، وخيارات متنوعة للتسوق.
هذا المشروع الحضري العملاق، سيُسهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030، الرامية لبناء اقتصاد مزدهر ومجتمع نابض بالحياة، مع توفير أفضل نمط حياة للسكان والزوار، حيث يتمتع مشروع “وسط جدة” بمقومات طبيعية متعددة، من ضمنها الواجهة البحرية بشريط مائي طوله 9.5 كلم، ويحتوي على مرسى بمواصفات عالمية، مُهيأ لاستقبال اليخوت من داخل وخارج المملكة، وشاطئ رملي بطول 2.1 كلم. كما ستشكل المساحات الخضراء والأماكن المفتوحة والخدمات العامة 40% منمساحة هذا المشروع الضخم الذي يعد أحد الاستثمارات المحلية النوعية لصندوق الاستثمارات العامة، والتي تُسهم في تنويع مصادر الدخل، ودفع مسيرة الاقتصاد الوطني، واستحداث المزيد من فرص العمل لأبناء وبنات الوطن. ولضمان تنفيذه بالجودة المطلوبة ووفق أعلى المعايير، قام صندوق الاستثمارات العامة، بتأسيس شركة مطوّرة للمشروع، بمسمى: “شركة وسط جدة للتطوير” في العامّ 2019م، والتي يرأس مجلس إدارتها سيدي سمو ولي العهد – حفظه الله –، لتتولى تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل، والعمل مع جميع الجهات ذات العلاقة، لضمان تنفيذ جميع المراحل وفق الخطة الزمنية المعتمدة،والتي ستكتمل المرحلة الأولى منها بنهاية العام 2027م، ليتم استقبال سكان جدة وزوارها من داخل المملكة وخارجها. كما تم اعتماد تصاميم عصرية بمعايير عالمية لهذا المشروع، مع الحرص على تطبيق عناصر ومكونات النسيج العمراني، والمستوحاةمن فنون العمارة الحجازية الأصيلة، مع مراعاة تطبيق أحدث التقنيات العالمية، بحيث تصبح “وجهة ذكية” تعتمد على التقنياتالمبتكرة، بالإضافة إلى اعتماد استخدام أفضل تقنيات الاستدامة، ومنها الطاقة المتجددة، ما سيُسهم في دعم الاستدامة البيئية، بما يتناغم مع أهداف مبادرة السعودية الخضراء، حيث شارك في تصميم المخطط العام أكثر من 500 مهندس واستشاري، يمثلون خمسة من أفضل دور الخبرة في العالم.
ممّا لا شكّ فيه أنّ أهداف المخطط العام لمشروع: “وسط جدة” الطموح، تتسق مع أهداف “برنامج جودة الحياة 2020“،الذي أُطلق في العام 2018م، لتحسين جودة حياة سكان المملكة وزوّارها، وكأحد برامج تحقيق رؤية 2030، الذي يهدف لدخول ثلاث مدن سعودية على الأقل، ضمن قائمة أفضل 100 مدينة من ناحية جودة الحياة على مستوى العالم، ومن أهداف هذا البرنامج أيضًا: “تحسين المشهد الحضري في المدن السعودية”، وكذلك: “الارتقاء بجودة الخدمات، ومعالجة التشوهات البصرية في المدن”، لتقوم وزارة الشؤون البلدية والقروية بتنفيذ مجموعة من المبادرات في هذا المجال، وذلك بهدف بناء وتطويرالبيئة اللازمة لاستحداث خيارات أكثر حيوية، تُعزِّز من أنماط الحياة الإيجابية، وتزيد تفاعل المواطنين والمقيمين مع المجتمع، والذي يُعنى بتحسين جودة حياة الفرد والأسرة، من خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة، تُعزّز مشاركةالمواطن والمقيم والزائر في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية والسياحية، والأنماط الأخرى الملائمة التي تُسهم في تعزيزجودة الحياة، وتؤدي لتوليد الوظائف، وتنويع النشاط الاقتصادي،
والله ولي التوفيق،،,
* أستاذ مشارك الهندسة البيئية والمياه بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى.