في ظل غيابه عن الساحة الأدبية، وعدم السماح بزيارته، كان لدى محبي الشيخ عبدالمقصود خوجة أمل كبير في شفائه، وعودته معافا بقدرة الإله جل جلاله.
لذا فقد كان خبر موته، صاعقة زلزلت أركان المجتمع السعودي صغيرهم وكبيرهم، بالرغم من أننا جميعًا مؤمنون بقضاء الله وقدره، وأنه لا راد لقضائه.
لكن فراق شخصية كبيرة بحجم الشيخ الخوجة، والذي ملأ الساحة الأدبية والاجتماعية بمساهماته، متوجة لعقود مضت، بتكريم شخصيات من مختلف الأطياف، في إثنينته الأسبوعية، والتي حرص من خلالها، على أن يكون اختيار الشخصيات المكرمة، وفق معايير موضوعية، تبعًا لإسهاماتها الوطنية في مختلف المجالات، ولم تقتصر على المجال الأدبي فقط.
وبرزت الإثنينية كمعلم بارز، يحرص الكثيرون على الحضور بل والمشاركة بكلماتهم عن الضيوف، وتحولت إلى منتدى ثقافي إقليمي إن لم تكن على المستوى العالمي.
وكان رحمه الله حريصًا دائمًا وأبدًا بتطوير هذا المنتدى الثقافي، وما كان ليشارك في صوالين اجتماعية أخرى، إلا ويطالب ثنائيًا أو جهرًا عن كيفية تطوير الإثنينية، وهي التي لم ينقصها شيء منذ أن بدأت.
فيكفي الترحيب والبشاشة التي يستقبل بها الراحل ضيوفه، ويمازحهم بطرافة تشعر الواحد منا أنه في صالون منزله، ويكفي الاختيار المناسب للمكرمين، والتقديم المناسب لهم، وإتاحة الفرصة للحضور بطرح أسئلة على المكرمين، ليكتمل اللقاء، ويغتني الحاضر بما كسبه من معلومات وإضافات إلى محصلته العلمية والثقافية.
ولم يكتفِ رحمه الله بكل هذا، بل بادر إلى جمع وطباعة إنتاج الكثير من أدبائنا وخاصة الذين انتقلوا إلى رحمة الله، ولم يُنشر إنتاجهم. وكاد هذا الإنتاج القديم نسبيًا أن يُنسى. وقام بتوزيع المطبوع من هذه الكتب على شرائح كبيرة من المجتمع، سواء ممن طلب هذه الكتب أم لم يطلبها. وكان رحمه الله يتألم حين يرى أن بعضًا من بعث له هذه الكتب قد أعادها.
أما عن كلمات التكريم وفيديوهات الإثنينية، فهي متاحة على موقع الإثنينية الإلكتروني، وبإمكان الجميع الدخول إلى الموقع والحصول على نسخ منها.
حينما طلب مني تكريمي، ذكرت له أنني لا أستحق التكريم، وإن كان من تكريم لي فمن الأولى أن يأتي من وزارة الطاقة بعد عملي معهم لأكثر من ربع قرن. فذكر أن الإثنينية تُكرم الشخصيات العامة المعروفة، والتي لها إسهامات معروفة، وأخجلني بقوله بأنني واحد منهم، ولا دخل له بعملي في الوزارة. وسعدت جدًا بمشاركة معالي الأستاذ هشام ناظر، وزير البترول السابق رحمه الله، والذي تغلب على مرضه وحضر وتحدث عن ابنه محمد الصبان. وهو أول وزير عملت معه، بعد تركي لجامعة الملك عبدالعزيز والتي كنت أدرس بها. وكان للأستاذ هشام الفضل بعد الله، في اكتسابي تجربة محلية ودولية تشرفت خلالها بالدفاع عن مصالح وطني الغالي، وبتوجيه من قيادتنا الحكيمة.
وكذلك شارك معالي أستاذي الدكتور مدني علاقي في التكريم بكلمة ضافية، عن محمد الصبان التلميذ، وتنبؤ بمستقبل واعد.
وجزى الله جميع من تحدث في هذا اللقاء.
أشعر بغصة ونحن نفتقد الإثنينية، بعد رحيل الأديب والمثقف ورجل الأعمال رحمه الله، وسيشعر مجتمع جدة بفراغ فكري كبير.
هذه بعض من مآثر الشيخ عبد المقصود خوجة رحمه الله، والتي ستذكر عبر التاريخ، وأتمنى على المقتدرين من وجهاء مجتمعنا إحياء مثل هذا المنتدي، وأن تستمر تسميتها ب”الإثنينية”.
كما أطالب بتكريمه من قبل احتفال الجنادرية، والأندية الأدبية.
رحمه الله وغفر له وأسكنه الجنة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.