من التقاليد الحميدة، ومما جرت به العادة وَالسُّنَّة عند عامة المجتمع بإقامة بعض المناسبات الاجتماعية لشفاء مريض أو قدوم مولود أو النجاة من حوادث أو الحصول على وظيفة أو ترقية وخلافها من المناسبات المماثلة يجتمع خلالها الأقارب والأحبة والأصدقاء في جو تسوده الألفة والمحبة، وقضاء أجمل الأوقات مع بعضهم رغم تُحْمَل الكثير منهم مشقة السفر، وبُعد المسافات من أجل الحضور.
إلا أن سعادة اللواء علي بن محمد بن جبران آل هادي كان له اتجاه آخر، وَتَمَرُّد على هذه التقاليد والسُنٌة الحسنة، بسَنّ سٌنة تكون أفضل منها – بإذن الله – بعد أن مَنَّ الله عليه بالشفاء وألبسه ثوب الصحة والعافية من العارض الصحي الذي عانى منه عدة سنوات، وألزمه الأسرة البيضاء بين حينٍ وآخر.
فما كان منه إلا أن تبرع بما سوف يكلف إقامة وليمة يدعو لها محبوه، والتي رأي من وجهة نظره أنها سوف تكلفه خمسين ألف ريال.
فبادر بالتبرع بذلك المبلغ (لوقف قرية زهرة بني بشر) ليكون صدقة جارية عنه وعن والديه وإخوانه وأقاربه وزملائه وأصدقائه ومعارفه، ويكون أجره باقيًا وأدوم حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وهذا يؤكد أن آل هادي اتخذ هذه الخطوة وهذا القرار بعد مشورة والديه وإخوانه وأبنائه؛ وذلك من أجل:
– عدم التكليف والمشقة على محبيه بتكبد عناء الحضور، وترك مصالحهم لأجل المشاركة.
– المحافظة على نعم الله من التبذير، ويكون نهايتها مكتبات النفايات أكرم الله الجميع.
– ابتغاء الأجر والثواب من الله وتعبيرًا عن شكره لله على تمام الصحة والسلامة.
– أن يكون هذا التصرف مانعًا لأي دعوة بمناسبة شفائه.
وهذه الخطوة لم تكن مستغربة من رجل يتمتع بالحكمة والحنكة والدهاء أمثال اللواء علي آل هادي هذا الرجل الذي التقيته عدة مرات؛ فوجدته مثل جبل طويق في ثباته وشموخه إذا تكلم أوجز كلمته كالسيف ذو النظرة الثاقبة والأفكار اَلنَّيِّرَة.
ومن هنا أكد للجميع أنني لم أستأذنه في الكتابة عن هذه الخطوة الجميلة؛ لأنني أثق ثقة تامة أنه لن يأذن لي ولكن من الواجب أن نشيد بأفعال الرجال ومواقفهم المشرفة لا سيما مثل هذه المبادرات الإنسانية،
ونقول له كفيت ووفيت أيها الشهم النبيل؛ فقد عَبَرْت عن شكرك لله بطريقتك الخاصة فبالشكر تدوم النعم.
0