أحببت الرياضة مبكرًا ومتأثرًا بالمحيط الذي كنت أعيش فيه طفولتي ومطلع شبابي في منطقة الباحة عندما كنا نستمع ونستمتع بمباريات الدوري الممتاز منقولة على الهواء مباشرة في الإذاعة، وحينها عرفت النادي الأهلي الذي توشح بلوني العلم واعتمد السيفين والنخلة جزءًا رئيسًا من شعاره ليزيد ترسيخ حبّه في قلوب عاشقيه، وفتحت عيني عليه وهو ملء السمع والبصر، وحضوره مبهر ومشرف في الملاعب وعلى منصات التتويج، ولا يكاد يغيب عن أحاديث المجالس.
وتطور اهتمامي بهذا النادي الكبير حتى أصبح جزءًا مني، أتتبع أخباره وأفرح بإنجازاته وأحزن لانكساراته، وهنا أتذكر الشاعر الأهلاوي الكبير مساعد الرشيدي ـ رحمه الله ـ صاحب بيت الشعر الأشهر الذي يتذكره الأهلاويون مع كل فوز لناديهم:
لا فاز الأهلي تبات الأرض مبسوطة
العشب سرّ ابتسامتها … وفرحتها
وعن هذا البيت الذي يفوح عشقًا، وينبت عشبًا أخضر، ويزهر فرحًا مع كلّ فوز أهلاوي، وعن شاعره ـ رحمه الله ـ الذي لا يزال حاضرًا في ذاكرة الأهلاويين كتبت يومًا:
الفرحة لا فـاز الأهلي دوم مشروطـة
نذكـر مسـاعـد وشـعـره من بدايتهـا
(لا فـاز الأهلي تبات الأرض مبسوطة
العـشب سـرّ ابتسامتها … وفرحتها)
يكفيه بيت الشعر عن ألف مخطوطة
عسى عظــامـه فـي الـجنـة منـابتـهـا
وقد قال ـ رحمه الله ـ عن عشقه للأهلي في لقاء تلفزيوني: الأهلي هو الجزء الحجازي الجميل فيّ، وهو القدر الجميل.
وأعتقد أن الرشيدي كان يتحدث بلسان جماهير الأهلي المحبة التي كما فرحت بكل إنجازاته، تجاوزت عن كل عثراته، وتمسكت بعشقها له حدّ الجنون الذي تغنى به العاشقون تعبيرًا عن حبّهم الكبير لهذا النادي العظيم.
وعلى الرغم من الانكسار الكبير الذي أصاب جماهير الأهلى بهبوط فريق كرة القدم إلى دوري الدرجة الأولى نتيجة لإخفاق وتخبطات إدارته التي لا مجال لمناقشتها هنا، إلاّ أنهم كانوا قوّته التي دافعت عنه وأدت إلى رحيل الإدارة التي هبطت به رغم تمسكها بالبقاء.
وهكذا يكون العشق الذي سيروي العشب؛ ليخضرّ من جديد، وتفرح وتبتسم الأرض مرة أخرى بلون الفرح الأهلاوي.
وكما اتخذ الأهلي مكانه في قلبي، تابعت أيضًا بحب بدايات نادي العين بالأطاولة وهو ينمو منذ تأسيسه باسم (زهران) ثم (العميد) إلى أن استقر على اسمه الجديد (العين)؛ ليكون حقًا ملء العين بعد أن استطاع أن يصل إلى الدوري الممتاز بهمة رجاله، وأشعل قناديل الفرح في منطقة الباحة التي أصبحت بهذا الإنجاز تستقبل الفرق الكبيرة، وتهيأت فيها الفرصة لعشاق الرياضة ولجميع شباب المنطقة لحضور المباريات الرسمية، والاستمتاع بأوقاتهم في حضرة كرة القدم التي يعشقونها.
ولم تتجاوز هذه الفرحة بدايات الموسم قبل الماضي، وبعدها بدأ التراجع المخيف في مستوى الفريق لتعود جماهير العين للترقب والأماني التي لم تتحقق بالبقاء في فرق الدوري الممتاز، وهبط العين بعد موسم واحد محملًا بالديون التي أثقلته خلال الموسم الماضي، وأدت إلى رحيل نجومه وكادت أن تعصف به إلى الدرجة الثانية، إلا أن الله تعالى وفّق رجاله الأوفياء ـ في إدارة مكلفة ـ من الإبقاء عليه في الدرجة الأولى هذا الموسم.
ومع انتخاب الإدارة الجديدة عادت آمال وطموحات محبي العين في العودة مرة أخرى إلى دوري الأضواء، فهل تتحقق وتعود حركة أندية الدوري الممتاز إلى مدينة الملك سعود الرياضية في الباحة؟
أرجو أن تنجح حركة التصحيح التي يعيشها فريقا الأهلي والعين، وأن تقود الفريقين مرة أخرى للعودة إلى الدوري الممتاز.