لم تكن الأيام الماضية أيامًا عادية على منطقة الباحة بل أيامًا اهتزت فيها قلوب معظم ساكنيها في كافة محافظاتها، وذلك بسبب حدوث هزتين أرضيتين لم يفصل بينهما سوى أربعة أيام بلغت قوة الهزة الأولى ٣،٦٢ وبلغت قوة الهزة الثانية ١،٩٥ على مقياس ريختر، وتصدر خبر هاتين الهزتين أحاديث وسائل التواصل الاجتماعي قاطبة، وكذلك المشهد الإعلامي المرئي منه والمقروء، وصار خبرهما محل اهتمام كافة المواطنين في جميع أنحاء مملكتنا الحبيبة، ورغم أنهما لم يبلغا درجة الخطورة التي تنشأ عن الزلازل المدمرة إلا أن وقعهما كان كبيرًا؛ نظرًا لعنصر المفاجأة الذي صاحب كلتا الهزتين !
وتعد الزلازل واحدة من أخطر الكوارث الكونية التي تهدد حياة الإنسان لما تسببه ثوانيها المرعبة من أضرار على البشر والعمران، فهي عبارة عن هزات أرضية مفاجئة تحدث من داخل القشرة الأرضية، وتمتد على شكل موجات إلى مناطق أخرى؛ نتيجة لتحرك القشرة الأرضية في البحر أو اليابسة بسبب صدع في القشرة الأرضية أو بسبب تحرك الصفائح الداخلية نتيجة لضغطٍ وقع عليها.
وإذا ما نظرنا إلى هذه الزلازل والاهتزازات الأرضية؛ فإننا سندرك أنها حقيقة من حقائق الحياة وسنن كونية تحدث بأمر الله -عز وجل-، حيث تتعرَّض الأرض لمئات الزلازل اليومية في كافة أصقاع الأرض؛ وذلك لأنها غير ثابتة في باطنها كما يقول علماء الأرض، إلا أن هذه الهزات تكون غالبيتها ضعيفة لا يشعر بها الإنسان؛ حيث نجد أن معظم مُدن العالَم تتعرض لخطر الزلازل الكبيرة المدمرة أو المتوسطة، أو الهزات الخفيفة التي تجعل الناس يعيشون في خوف وترقب وهلع من تلك الزلازل، وما ينتج عنها من دمار وكوارث.
ومن هذا المنطلق فقد جال في خاطري عدة تساؤلات يأتي في مقدمتها هل نحن جاهزون على مستوى الأفراد والقطاعات الحكومية ذات العلاقة للتعامل مع مثل هذه الكوارث الطبيعية وفي مقدمتها الزلازل؟! وهل نحن نملك ثقافة التصرف السليم عند وقوعها لا سمح الله ؟! وهل مراكز الدراسات والأبحاث الجيولوجية في كافة جامعاتنا لديها دراسات عن طبيعة التغيرات التي حدثت في السنوات الأخيرة في تضاريس الجزيرة العربية وخاصة جبال الدرع العربي؟!
أم أننا سننتظر حتى وقوع ما لا يحمد عقباه ومن ثم نتحرك ونهرول نحو البحث والاستقصاء بعد أن تكون الفأس قد وقعت في الرأس؟!
حيث تؤكد الكثير من الدراسات والتقارير والتجارب في مختلف أنحاء العالم أن الرعب وعدم التصرف السليم من قبل الناس عند حدوث الهزات الأرضية يؤدي إلى زيادة في الخسائر المادية والبشرية، وعلى عكس ذلك تقل الخسائر في الأرواح والممتلكات عندما يكون هناك إعداد نفسي مسبق وتهيئة للحذر من أخطار الهزات الأرضية؛ وذلك بإبلاغ الناس التعليمات الهامة المتبعة أثناء الهزات وتثقيفهم بنشر المعلومات والنشرات عن أخطار الزلازل، وما يجب أن يتخذوه من احتياطات عند وقوعها لا سمح الله، وكذلك تفعيل أنظمة الإنذار المبكِّر، التي يمكن أن تمنح الناس نافذة صغيرة ربما لثوانٍ فقط، أو أكثر لإخلاء المباني قبل انهيارها عند حدوث الزلازل المدمرة لا قدر الله.
وخزة قلم:
التأهُّب لحدوث الكوارث يعد تحديًا كبيرًا وطويل الأمد، والجاهزية والاستعداد لحدوثها هو الكفيل بتقليل خسائرها.
مقال رائع يطرح من خلاله الكاتب تساؤلات على جهات الاختصاص ومدى جاهزيتها للتعامل مع هذه الكوارث الطبيعية