كنتُ أجول بين منصات التواصل الاجتماعي، وكعادتي لم أستطع التحمّل لمشاهدة الفيديوهات الطويلة، لكن من بين الذي كنت أتصفحه لفتني اسم فيديو “أيتام خميس مشيط” في الحقيقة، وأنا أشاهده لم أستوعب أهذا التصرّف مع حيوانات أم مع بشر!
نحن نعي جيدًا أن لكل فعل ردّة فعل، وأن كل شخص يخالف النظام والقانون سَيُؤتَى بتلك العقوبة شاء أم أبَى سواء كان يتيمًا أو من ذوي الظروف الخاصة أو نحوه، لكن إذا كانت ردّة الفعل أو الاستجابة أكبر من الموقف نفسه هذا ما سيجعل كل مُتحدثٍ يتحدث، وكل كاتبٍ يكتب، وكل فرد له شأن في هذا الأمر سيدلي بدلوه إن لم تربطنا رابطة الدم والعرق؛ فالرابطة الإنسانية تجمعنا، إن هذه الفئة الغالية على قلوبنا كفلت لها دولتنا الحبيبة العديد من الحقوق، وتحقيق الكثير من المطالب حتى تستطيع أن تعيش كعيش الفرد الطبيعي المُصاحب لأسرته، وحتى في بعض دور الحضانة والحماية الاجتماعية قد يسعى العاملون جاهدين؛ لتحقيق أكبر قدر ممكن من الراحة والرفاهية التي تمكّنهم من إبراز دورهم في المجتمع وترتقي بكرامتهم، فالأفراد القاطنون في هذه الدور لم يلجأوا لها إلا وهم في أشد الحاجة إليها، وما يتمثل من المشرفين والمشرفات كمربين أو مربيات أمهات وآباء لتوفير مناخ أسري مغمور بالدفء والحنان، فما بالنا إذا كانوا هؤلاء المشرفون أو المشرفات هم من ساعدوا على نشر النار بسبب شرارة صغيرة، هل جزاء الإحسان إلّا الإحسان؟ أن يتولاك الله في موضع أو في منصب إنساني أهكذا تعامل خلقه بهذه المعاملة!، أبو جهل حينما غضب وضرب أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- على وجهها طيشًا ظلّ يترجاها ويقول لها: (خبئيها عني خبئيها عني) يعني لا تخبري أحدًا لا تفضحيني، ويقول الناس: إني ضربت امرأة، كفار قريش عندما أخذوا من كل قبيلة رجلًا، وذهبوا ليقتلوا النبي ظلّوا واقفين على باب بيته طوال الليل بانتظار أن يخرج لصلاة الفجر رغم أنهم كانوا قادرين أن يقتحموا البيت من أول لحظة، ويهدموه على كل من فيه، أحدهم حاول أن يقترح الفكرة مجرد اقتراح فردّ عليه أبو جهل بكل عنف: وتقول العرب أنّا تسوّرنا الحيطان وهتكنا ستر بنات محمد؟!
العظمة هنا ليست في موقف أبو جهل، إنما العظمة في المجتمع، المجتمع الجاهلي الكافر الذي كان يحمل الرجولة ومعاني الإنسانية.
*إخصائية اجتماعية