المقالات

الذكاء الاصطناعي ونيوم وأشياء أخرى

قبل أيام طالعت بالصدفة مقالًا على صحيفة إسرائيلية يهاجم مشروع نيوم بشدة، ويصفه بأنه “مقامرة” من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأصول المملكة واحتياطياتها لاكتساب “الشرعية”، مثل هذا التهجم ليس جديدًا، الجديد أنه يأتي هذه المرة من الإسرائيليين، في السنوات الماضية شاهدنا الكثير من التثبيط بخصوص رؤية المملكة ٢٠٣٠ من الصحافة الغربية وساسة اليسار هناك وفي المنطقة العربية لم تتوقف حملات التشكيك يومًا واحدًا رغم النجاحات الماثلة للعيان، لا أعرف بالضبط لماذا دخل الإسرائيليون على الخط هذه المرة هل هي واحدة من شطحات اليسار الإسرائيلي (سليل اليسار العالمي)، ولن تكون أكثر من كلمات لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به أم هي رسالة إسرائيلية من نوع ما ؟

في الحقيقة أميل إلى الاعتقاد بأنه نوع من حديث النفس بصوت مرتفع، الإسرائيليون يشعرون -كأطراف أخرى- بالخطر من صحوة العملاق النائم (هذا اللقب ينطبق فعليًا على السعودية) ليس لأنها زعيمة العالمين العربي والإسلامي فقط، هناك أسباب أخرى، لطالما تغنّت إسرائيل بأسطورة التفوق التقني على دول المنطقة، وهي تشعر بل لمست أن تلك الأسطورة تلفظ أنفاسها الأخيرة جراء النهوض السعودي، والذي من أهم خطوطه العريضة توطين التقنية، وفي ثنايا ذلك التوطين هناك “توطين” أهم وهو توطين الصناعة العسكرية، إسرائيل تشعر بالخطر تمامًا كما تشعر به إيران ودول أخرى في المنطقة، ليس هناك شك بأن ذلك يعني نهوض أمة عظيمة عندما ينهض رأسها، وبالتأكيد هناك من يرى ذلك خطرًا كبيرًا.

لم تفاجئني الحملة العالمية ضد ولي العهد عند انطلاقتها، كان واضحًا لدي أنها تستهدف رؤيته ومشروعه وليس شخصه فالقائمون على الحملة لم يهتموا يومًا بنوعية القادة ولا حقوق الشعوب، كل ما يهمهم هو عدم بروز قائد يحمل رؤية للمستقبل.

إحدى المصادفات الغريبة أنه في اليوم الموالي لصدور “المقال” الإسرائيلي تم افتتاح قمة عالمية للذكاء الاصطناعي في السعودية وتحت الرعاية الكريمة لولي العهد، لعلها ليست مصادفة أصلًا وتوقيت المقال متعمد، يصاب الإسرائيليون وحلفاؤهم وأشباههم في المنطقة بحسرة شديدة وهم يرون أولئك “البدو” وقد تصدروا المشهد العالمي في أكثر علوم العصر أهمية وتعقيدًا، هناك قلوب كثيرة في المنطقة تغلي حقدًا، وهناك عقول كثيرة لا تستوعب ما جرى لكنه جرى ويجري رغم أنف الجميع، ويزداد توهجًا وسطوعًا يومًا بعد يوم.

النقطة التي ارتكز عليها المقال الإسرائيلي لمهاجمة مشروع نيوم (ومن خلاله مهاجمة الرؤية نفسها) هي أن ما يجري مقامرة بمدخرات واحتياطيات المملكة، رغم عدم صحة ذلك تقنيًا فالحقيقة هي أن المدخرات والاحتياطيات الحقيقية هي التحكم بناصية العلم والصناعة والتقنية وبناء اقتصاد متنوع، وتحقيق أعلى درجات الانفتاح والتعايش السلمي دون تفريط في الهوية، المدخرات الحقيقية هي ما تخطط له رؤية ٢٠٣٠ وقد قطعت أشواطًا مهمة في هذا الاتجاه، من البديهي القول: إن هذه النهضة ستكون قاطرة لبقية دول العالم العربي ودول المنطقة، أصبح واضحًا أن هناك مشروعين في المنطقة أحدهما تقوده السعودية يطمح للرخاء والازدهار ومشروعًا آخر للتدمير والحروب تقوده أطراف أخرى في المنطقة، الخيرون ينتصرون دائمًا في النهاية.

أعتقد أن أي عاقل في المنطقة قدر له أن يطلب أمنية من “الجني” سيطلب أن تكون الالتحاق بركب رؤية ٢٠٣٠ وبقطار النماء والرخاء، تلك ثروة فعلية وقراءة صائبة للتاريخ، أنا أتمنى أن أكون كذلك، أن أساهم ولو بالقليل من خلال قلمي كل ما أمكني ذلك.

*كاتب موريتاني

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. اسرائيل امريكا الأتحاد الأربي ايران وكذلك لهم عملاء كثر من العرب وقناة الجزيره السعوديه سببت لهم صداع قوي قوي وخاصتا محمد بن سلمان. لأنهم مايبغون اي دوله عربيه اسلاميه تتقدم وتزدهر خاصتا السعوديه ولازالو ينعقون يدورون اي مشكله على السعوديه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى