مقدمة؛ لعلي أضع بعضًا من ملامح المقال قيل الاستهلال، فأنا أعلم يقينًا لا يورده ظَنًّا أو شكًا بأن الله عليم بما في السرائر، وأن النوايا علمها عند الله سبحانه.
لكن هناك على الجانب الآخر من المتغيرات لا بد الوقوف على أعتابها ومناقشتها بشكلٍ حضاري، دون اللجوء إلى بعض من الأساليب غير اللائقة، فأنا حين عزمت على سرد ظاهرة تجلت في الأفق، وتبينت معالمها للجمع، فإنِ على عِلمٍ يَقِين تام أن هذه الظاهرة ستصبح سببًا كافيًا في ظهور ”علامات الاستفهام”؛ عند جُل المهتمين بمتابعة أنماط شخصيات المجتمع .
شخصيات جهرت بصوت عالٍ بفترة ما بدعوة والإرشاد على أسطح المنابر، وعلى مسارح المخيمات الدعوية، وبين أروقة أحياء المدن، شخصيات بسمات اللحى الطويلة، والثياب القصيرة، والشمغ بلا (عقال)، شخصيات رائدة ومتحفزة وخير مثال يحتذى بهم في الدعوة الرجوع إلى الله عن طريق أبواب التوبة.
فغدى بعد ذلك إلى أن أصبح لهم موردون وأتباع، ومحبون ومناصرون، فهم مظهر من مظاهر التدين والورع.
هل هم كذلك حقًا أم هم …؟
لا يهم…
” ففي المضمون فإن المظهر المبنى على ما يقولون، ويدعون إليه يفيد بأنهم شباب (فِيهِم الخير والبركة).
كل ذلك تبدد وتبخر عندما شاهدنا من كنا نعتقد بأنهم دعاة إلى الخير وإلى التوبة و…، ونتمنى أنهم مازالوا كذلك، البعض منهم تغيَّرت سماتهم الخارجية التي بسببها كثرت الأسئلة الظاهرة والباطنة، أصبحوا ذا اللحى المهذبة المنمقة ”إن وجدت”، والثياب المطرزة الأنيقة وبروز أفخم (الماركات)، وأصبح العقال يزين الهامات، والسوشال ميديا حازت على الاهتمام، والطموح اقتصر على عداد المشاهدات، وعدد المتابعين، هكذا أصبح المشهد للعلن، فهم نسخ واضح من مشاهير السوشال ميديا.
هل هم من بحث عن الشهرة أم هم…؟
لا يهم…
” ففي المضمون فإن المظهر المبنى على ما هم عليه الآن من خلال المقاطع المتصدرة عنهم، مقاطع الرقص على أنغام الموسيقى وعلى طَّقْطَقة الشيلات، (إذًا وصل لنا أن فِيهِم من بحث عن الشهرة عن طريق السوشال ميديا).
فلا بد أن نعي ونتعلم من التجارب، وأن علم الدين مختص بالعلماء لا بغيرهم والفتاوى ليست بالأمر الهين، فالإيمان خالص لوجه الكريم، وعلم الإيمان مختص لأهل العلم؛ لذلك كان تفضيل العزيز الرحيم لهم.
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر: 9(
وأن بعض من الدعاة ليسوا إلا أنهم اجتهدوا في الدعوة بحقبة ما؛ هم الأبرز على الساحة المجتمعية، وأهم رموزها، ليس الكل بطبيعة الأمر لكن جزء لا يستهان بهم؛ لذا تغيرت المفاهيم بالتغيرات التي طرأت على المجتمع، ورأينا ذلك الداعي المشهور، متصدر (الترند).