إذا كانت السعودية قد عَبَرَتْ بسلامٍ صعوبات سنوات التأسيس، وبناء البنية الأساسية، وترسيخ آليات الاقتصاد، ودعم التعليم، وتعزيز الصحة والرعاية الاجتماعية؛ فإنهِّا لا زالت تمضي على ذات الطريق؛ تحت ظلِّ قيادةٍ حكيمةٍ، تُتقن قيادة موكب النهضة بكلِّ كفاءةٍ واقتدار، ولها رؤيةٌ مرسومةٌ على صفحات المجد، تقرأها أمة الحاضر والمستقبل في صفحتها الثانية بعد التسعين، تعهَّدتْ بالسعي لاستثمار مكامن القوة التي حبا الله بها أرض السعودية، وتوظيف إمكاناتها وطاقاتها نحو التنمية الشاملة؛ لتحقيق مستقبلٍ أفضل.
إنَّها قيادةٌ سطَّرتْ سجلًا حافلًا بالإنجازات على كافَّة الأصعدة، وبرعتْ في تحويل الأحلام إلى واقعٍ مشهودٍ، فها نحن اليوم نستفيق كلَّ يومٍ على حُلمٍ أصبح واقعًا، وآخر قد رُسِمت حدوده وخيوطه وعناصره، فأصبح قاب قوسين أو أدنى من الواقع.
إنَّنا -وبكلِّ فخرٍ- أمام قائدٍ لديه ذكاءٌ تنمويٌّ، ومهارةٌ استراتيجيةٌ مجتمعيةٌ، استطاع-في وقتٍ قصيرٍ- أنْ يحوِّل رغبات الشعب إلى مشاريع تنمويةٍ يُشَار إليها بالبَنَانِ، وهذه إحدى كرامات تلك الرؤية الحالمة، لولي عهدنا الكريم؛ سمو الأمير/ محمد بن سلمان يحفظه الله، ذلك القائد المُلهم؛ الذي أخذ على عاتقه بناء سعوديةٍ جديدةٍ طموحةٍ، يرفع قواعدها سواعد شعْبٍ نَذَرَ نفسه لوطنه، ومضى يشيِّد البناء مردِّدًا “عزُّك يا وطني يبدأ بنا، بأحلامنا، بأعمالنا، بهمتنا نرفعك لتكونَ في قمَّة الأوطان”.
هذه الروح العالية والهمَّة الرفيعة التي اكتسبها القائد الهُمام وشعبه المغوار من مبادئ مؤسِّس البلاد؛ الملك عبدالعزيز -رَحِمَه الله- تُجدِّد فينا العزمَ والولاءَ للوطن والقيادة الحكيمة- أيدها الله- وتَدْفعُنا للعمل يدًا واحدةً من أجل بناء وتجسيد مقاصد رؤية 2030، تلك الرؤية التي تُعَدُّ امتدادًا لرؤية التأسيس، واستمرارًا لفكر البناء والنهضة، التي قامتْ عليها مملكة الإنسانية؛ منذ (٩٢) عامًا، وتدفع بنا إلى تسخير الجهود؛ لاستكمال مسيرة الإنجازات التي تحقَّقت مُنْذ أنْ أطلق مهندس الرؤية الطموحة؛ سمو الأمير خُطَط وبرامج الإصلاح الإداري والاقتصادي السعودية، واستمرَّ في عمله الدؤوب؛ يُترجمها، ويوظِّفها على أرض الواقع؛ فانطلقتْ السعودية الجديدة مع بزوغِ فجْر اليوم الأول لها؛ للمضيِّ قِدَمًا نحو المجد والرفعة في جميع المجالات، فها هي المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي تحقَّقتْ بفضلِ العديد من المشروعات التنموية الضَّخمة تَقِفُ شاهدةً على تقدُّم ورقي السعودية، وتبوؤها مركزًا متقدمًا في مصاف الدول المتقدمة، فعلى الجانب الاقتصادي يُعدُّ مشروع «نيوم» استثمارًا متميزًا للموارد المالية السعودية، وفرصةً واعدةً من أجل تنويع الاقتصاد السعودي المستقبلي، وفي الجانب الإداري كانتْ إعادة هيكلة العديد من القطاعات، وتوظيف التقنيات المتقدمة، واستحداث وحداتٍ جديدةٍ تُعْنَى بتفعيل الذكاء الاصطناعي؛ حيثُ تمَّ إطلاق ما يزيد عن (279) خدمةٍ في منصَّة “أبشر”، يستفيد منها (18) مليون مستفيدٍ، بالإضافة إلى منصَّة “ناجز” التي ساهمت في استقبال عشرات الآلاف من الخدمات العدلية الإلكترونية، وإنجازها خلال دقائق، كما كانتْ مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية للوافدين؛ بما يحفظ حقوقهم، ويساهم في بناء سوق عملٍ جاذبٍ، ويستثمر الطاقات البشرية استثمارًا يؤدي إلى تطوير بيئة العمل؛ من خلال جذب العمالة المؤهلة ذات القيمة المضافة، كما تمَّ حوكمة المؤسسات، وتحقيق مبدأ الشفافية والمساءلة؛ بتطبيق نظام مكافحة الفساد، الذي هو بمثابة السرطان الذي ينْخُر في جسد التنمية، وفي الجانب التعليمي تمَّ تفعيل نظام الجامعات الجديد؛ لتدخل الجامعات السعودية عصر الاستقلال الذاتي للجامعات، كما أنَّه يجب ألَّا ننسى أنَّ مملكتنا السعودية الشَّامخة أطلقتْ قمرًا صناعيًا، يُعَدُّ الأول لها؛ بالتعاون مع دولة فرنسا، من قاعدة مورو الفرنسية، والذي يسمى جيو سات 11، ويحمل ألواحًا شمسيَّةً فائقة القدرة على إنتاج الطاقة بمقدار 20 كيلو وات.
كلُّ هذه المنجزات وغيرها الكثير ما هي إلَّا انعكاسًا للمتابعة الشخصية والدقيقة التي يوليها ولي العهد لبرامج رؤيته الطموحة، وحرصه اللا متناهي على تنفيذ مستهدفاتها؛ وفق خططٍ مرسومة بعنايةٍ، وجميعها تصبُّ في بوتقة ازدهار الوطن، ورفاهية شعبه.
وإنِّي على يقينٍ بأنَّه حتى لحظة كتابة مقالي هذا فإن هناك مشاريع لم يَجِفْ حبْرها، وتنتظر الإعلان عن طرحها بشكلٍ رسميٍّ، وذلك لعمري لم يكن لولا توفيق الله سبحانه لقيادتنا الرشيدة ذات الرؤية الواضحة والهمة عالية. فكلُّ عامٍ ووطننا الغالي بخير، وكلُّ عامٍ وقيادتنا الرشيدة في خيرٍ.