المقالات

الملك عبدالعزيز آل سعود وتأسيس المملكة العربية السعودية

تعد الدولة السعودية المعاصرة ” المملكة العربية السعودية ” التي أسسها الملك عبدالعزيز آل سعود إمتدادا لذات الأسرة التي أسست الدولة السعودية الأولي ، وهنا يبرز الترابط في التاريخ السعودي ، حيث أن الدول الثلاث نبعت من بعضها البعض منذ الإمام محمد بن سعود وحتى الآن .

فالملك عبدالعزيز هو عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية..

ومن الكويت حيث عاش عبدالعزيز مطلع شبابه واكتسب خبرة سياسية وعسكرية ، خرج لاستعادة ملك آبائه وأجداده في مغامرة نجحت باسترداده للرياض عاصمة الدولة السعودية في 5 شوال 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م ، ليبدأ رحلة توحيد البلاد وتأسيس المملكة العربية السعودية .

وكان آل رشيد أولى القوى التي كان على عبدالعزيز آل سعود مواجهتها ، لإنهاء وجودهم في نجد(طبعا وهم الذين اغتصبوا حكم السعوديين وقضوا على دولتهم الثانية عام 1309ه) ، ولم يأت عام 1322هـ / 1904م حتى سيطر عبدالعزيز على وسط نجد وأغلب أجزاء القصيم، وذلك بعد انتصاره على ابن رشيد في موقعتي البكيرية والشنانة في نفس العام ، والتي تبعها قيام عبدالعزيز آل سعود بقيادة جيشه والالتقاء مع جيش ابن الرشيد الذى كان يقوده بنفسه قرب بريدة في عام 1324هـ / 1906م في موقعة “روضة مهنا ” والتي انتهت بهزيمة ابن الرشيد ومقتله، كما استطاع بعزمه وحنكته السياسية طرد القوات العثمانية التي جاءت لنصرة ابن رشيد شر طرده ، ليصبح عبدالعزيز سيد منطقة نجد بلا منازع .

ومن ناحية أخرى انتهز عبدالعزيز توتر العلاقات بين الدولة العثمانية ودول أوروبا ، فزحف بقواته إلى منطقة الأحساء التي كانت بها قوات عثمانية ، حيث تمكن من دخولها وضمها إلى دولته عام 1331هـ / 1913م ، وكان هذا العمل دافعاً لاعتراف الدولة العثمانية به ، ولبريطانيا لكي تنتبه لقوة عبدالعزيز خاصة بعد أن وصلت قواته إلى ساحل الخليج العربي حيث مناطق نفوذها ، ومن ثم سعت إلى الاتصال به ، الأمر الذى انتهى بعقده معاهدة ” دارين ” بين الطرفين عام 1334هـ/ 1915م والتي اعترفت بموجبها بريطانيا بعبدالعزيز حاكماً على نجد والإحساء وملحقاتها .

وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1336هـ/1918م نظر عبدالعزيز آل سعود الذى وقف على الحياد إبانها ، فوجد نفسه محصوراً بين قوتين الأشراف في الحجاز الموالين لبريطانيا ، وآل رشيد في حائل وجبل شمر الذين كانوا مع الدولة العثمانية ، وبدأ عبدالعزيز بخصومه آل رشيد إلى أن تمكن من دخول حائل وضمها إليه ، لينهي وجود هذه الإمارة عام 1340هـ/1921م ويضمها إلى دولته .

وفى نفس العام وتقديراً لجهوده أطلق عليه أنصاره بعد اجتماعهم في الرياض لقب “سلطان نجد وملحقاتها ” ، وفى ذات الوقت أرسل حملات إلى منطقة عسير في الجنوب (ما بين عامي 1338-1341ه) كانت أهمها الحملة التي كانت بقيادة ابنه الأمير فيصل حينما نجحت في دخول عاصمتها ” أبها ” في صفر 1340 هـ / أكتوبر 1922م، وكان ضمه للباحة عام 1338ه ، وكذاك ضم نجران في نفس السنة 1338ه ، وفى تلك الفترة وفي عام 1340ه قامت قواته بضم إمارة آل الشعلان في الجوف بالشمال والوصول بالدولة السعودية إلى أقصي اتساع لها في شمال شبه الجزيرة العربية .

أما الأشراف في الحجاز

فقد بدأ التوتر بين عبدالعزيز والأشراف يزداد خاصة بعد أن أقامت بريطانيا لهم حكم في كل من الأردن والعراق بالإضافة إلى الحجاز ، وبعد أن عقد عبدالعزيز مؤتمراً في الرياض في ذي الحجة 1342هـ/ يوليو 1924م حضره كبار العلماء وشيوخ القبائل برئاسة والده الإمام عبدالرحمن والذي انتهى إلى قرارهم بضرورة قيام السلطان عبدالعزيز بدخول الحجاز خاصة بعد منع الشريف لحجاج نجد من دخول الحجاز .

ولهذا تحركت القوات السعودية تجاه الحجاز واستطاعت دخول مدينة الطائف في صفر عام 1343هـ / سبتمبر 1924م ، ونتج عن ذلك المناداة بـ “علي ابن الشريف” حسين ملكاً على الحجاز ومغادرة والده الشريف حسين الحجاز إلى العقبة ، وأمر السلطان عبدالعزيز قواته بدخول مكة المكرمة سلماً يوم 17 ربيع الأول 1343هـ/ 18 أكتوبر 1924م ، في ذات الوقت اتجهت بعض القوات السعودية إلى المدينة المنورة التي استسلمت في العام التالي 1344ه دون قتال ، بينما اتجهت أغلب قواته صوب مدينة جدة وحاصرتها لمدة عام حتى سلمها الملك علي بن الحسين إلى السلطان عبدالعزيز آل سعود في 6 جمادي الآخر 1344هـ / 22 ديسمبر 1925م بموجب اتفاقية التسليم التي تضمنت تنازل الملك علي ومغادرته الحجاز .

ثم كان ضم جازان في عام 1349ه/1930م إلى حكم الملك عبدالعزيز كآخر منطقة تدخل في حكمه وبها يكتمل انتظام عقد بناء هذه الدولة العظيمة . .

وهكذا توحدت شبه الجزيرة العربية من الخليج العربي شرقاً إلى البحر الأحمر غرباً تحت حكم السلطان عبدالعزيز الذى كان لقبه سلطان نجد وملحقاتها ، وحين ضم الحجاز بايعه أهلها ملكاً عليهم ليصبح لقبه “ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها ” في 23 جمادى الآخرة 1344هـ/ الثامن من يناير عام 1926م ، والتي أعقبها دخوله في مفاوضات مع بريطانيا وقع على أثرها معاهدة جدة عام 1345هـ/ 1927م وبموجبها اعترفت بريطانيا بالدولة السعودية دولة مستقلة ، والتي بدأت تنال الاعتراف الدولي من ناحية، وبدأت فى البناء الداخلي من ناحية أخرى حتى أعلن الملك عبدالعزيز توحيد البلاد في 18 جمادي الأول 1351هـ / 23 من سبتمبر 1932 بموجب المرسوم الملكي رقم 2716 تحت اسم ” المملكة العربية السعودية ” ، ليصبح الملك عبدالعزيز آل سعود الملك المؤسس لهذا الكيان العربي الكبير ولتكون دولته الدولة العربية الوحيدة التي ولدت مستقلة تحت قيادته .

د. صالح بن مخضور السلمي

 باحث في التاريخ الحديث والمعاصر

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى