لماذا لا يكون تقاعد الموظفين المدنيين عند بلوغ الموظف سن الخمسين بدلاً من سن الستين؟ إن المعمول به منذ تأسيس نظام التقاعد في مملكتنا الغالية المملكة العربية السعودية، هو تحديد نهاية تقاعد الموظف أو نهاية الخدمة الكاملة للموظف المدني، عند بلوغه الستين من عمره .
أما في حال تعديل عمر تقاعد الموظف من عمر الستين إلى عمر الخمسين، يمكن بذلك نضرب عصفورين بحجر واحد، الأول: هم الشباب، وحل مشكلة البطالة وإحلال الشباب القوي الفتي على وظائف المتقاعدين، وأما الثاني: هم المتقاعدين، ليرتاحوا ويستمتعوا ويستجموا وهم لا زالوا يتمتعون بصحتهم (١٠سنوات) قبل أن تداهمهم أمراض الشيخوخة، فغالباً من هم في الفئة العمرية التي تكون من العمر (٤٠ سنة إلى ٥٠ سنة) يكونون أفضل صحة ممن هم في الفئة العمرية التي تكون أعمارهم من (٥٠ سنة إلى ٦٠ سنة).
كما أن وجهة نظر تقديم سن التقاعد من سن الستين إلى سن الخمسين، وإحلال الشباب في وظائف المتقاعدين، تحقق رؤية ٢٠٣٠ لعرّابها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وبالتالي تكون وجهة النظر هذه عن التقاعد، على غرار توجه سموه الكريم الذي أمر بتطعيم التشكيل الوزاري الجديد من الوزارء الشباب، وهذا من شأنه يضخ دماء جديدة في مجلس الوزراء، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس على نوعية الاستراتيجيات والخطط والقرارات المتخذة بما يصب في دفع عجلة التنمية في مملكتنا الغالية، ومثله ضخ دماء جديدة من المدراء والرؤساء الشباب.
إن الواقع المشاهد في مواقع العمل أن بعض الموظفين ممن هم في عمر الخمسين فما فوق، تشاهدهم وهم يداومون على عكاكيز أو كثيري الأمراض، والعلل الصحية، ويمنحون إجازات مرضية، وينومون في المستشفيات مرات عديدة، إما لإجراء العمليات الجراحية أو للتطبيب، فقد شاهدت خلال رحلتي العملية زميلة طبيبة خمسينية، كانت تصل إلى عيادتها، أو إلى غرفة العمليات لتقوم بإجراء العمليات للمرضى، وهي تنهج، وتقف عدة مرات في الطريق لتستريح من المشي ثم تتابع سيرها – رحمها الله وأسكنها فسيح جناته – وزميل آخر رأيته يمشي بطيئاً متكئاً على عصاه، وهناك حالات أخرى ولكن اكتفي بهذا القدر، فهل أمثال هؤلاء الموظفين والموظفات يستطيعون مواصلة العمل إلى سن الستين ؟! أوليس إحالتهم إلى التقاعد عند بلوغ سن الخمسين يريحهم من عناء وهم الدوام الذي أثقل كاهلهم .
وفي المقابل تجد بعض الموظفين متعهم الله بوافر الصحة والعافية ويحبون العمل، ولا يرغبون البته في التقاعد عند بلوغ سن الخمسين أو الستين- بارك الله لهم في صحتهم وزادهم من واسع فضله- ولكن البعض منهم يرغبون في التقاعد وفي هذه الحالة من الأفضل أن يكون التقاعد اختيارياً إما للخمسين وإما للستين، ليرضي كلا الطرفين.
وفي اعتقادي، وبناءً على إحصائية ضغوط العمل المنشورة في موقع الضغط العصبي Stress دراسة عن ضغوط العمل، ” إذ تُقدِّر بعض الدراسات أنّ نسبة الموظفين الذين يعانون من ضغط العمل تصل إلى 80% ” منهم 40% يعانون من ضغط عمل شديد.
المصدر: www . stress . org فإني أرى أن أغلب الموظفين يرغبون في التقاعد في سنٍ مبكرة ، وهو مجرد افتراض مني من واقع خبرة، وليس استناداً إلى دراسة علمية أو إحصائية تؤكد ذلك، وفي حدود نطاق البحث والتقصي الذي أجريته لم تقع عيني على أي دراسة علمية تثبت بالأرقام أن أغلب الموظفين يحبذون التقاعد المبكر.
وأيضاً في تصوري أن الغالبية العظمى من الموظفين يهدفون إلى إكمال سنوات الخدمة لهدفين أولهما: استمرارية صرف العلاوة السنوية لهم وثانيهما: صرف الراتب التقاعدي كاملاً لهم بعد التقاعد أو على الأقل صرف ثلاثة أرباع الراتب، وهذا هو سبب استمرارهم إلى سن الستين رغم المكابدة والمجاهدة الصحية التي لا يطيقونها، ولكن كل ذلك من أجل تأمين دخل مادي جيد، ولقمة عيش رغيدة، وعيشة كريمة، تكفي المتقاعد وأفراد أسرته، لذلك سيكابد الموظف حتى حد النخاع وإلى أن يصل إلى خط النهاية (سن الستين) وقد خارت قواه “مجبراً أخاك لا بطل” أما إذا تم تقديم سن التقاعد إلى سن الخمسين مع التقليص من مدة الخدمة الوظيفية وهي عشرة سنوات بدون التقليص من الراتب فإن ذلك سوف يغري الموظفين للتقاعد عند بلوغ الخمسين طالما أن الراتب لن ينقص منه ريالاً واحداً، فإذا تقاعد في سن الستين أو سن الخمسين سيكون راتبه التقاعدي واحداً في كلا العمرين.
مستشار أسري واجتماعي
بمستشفى الملك فيصل بمكة المكرمة
عبدالرحمن حسن جان
ماجستير خدمة اجتماعية
للتواصل مع الكاتب:
Abdulrahmanhjan@gmail.com