تحتفل المملكة العربية السعودية ودول العالم ومنظمة «اليونسكو» باليوم العالمي للمعلمين، والذي يصادف هذا العام يوم الأربعاء الخامس من أكتوبر لعام ٢٠٢٢م تحت شعار “التحول في التعليم يبدأ بالمعلمين”، ويعتبر هذا اليوم إحياء لذكرى توقيع التوصية المشتركة الصادرة عن منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام ١٩٦٦م؛ لذا فإن هذا اليوم يعد فرصة لرد الجميل لأصحاب أعظم رسالة وأسمى مهنة خلدها التاريخ في المجتمعات، كما يعد مناسبة وطنية تهدف إلى مشاركة المعلمين والمعلمات في الاحتفال بيومهم السنوي، وتذكر ما سطّروه في تاريخ نهضة بلدانهم وما صنعوه من إنجازات في مجال العلم والمعرفة.
وبما أن المجتمعات تستلهم وتستذكر أيامها الخالدة وماضيها التليد، وتفاخر بما تحقق فيها من إنجازات وطنية، فإن الاحتفال بيوم المعلم يحمل في طياته معاني سامية، ومواقف عظيمة، تبرز من خلالها دور المعلمين والمعلمات على مر العصور وتسجل في ذاكرة الزمان ما يبذلونه في سبيل بناء الأوطان، ووعي الإنسان، ونهضة القيم والمبادئ، والرقي بالمجتمعات.
وعلى هذا الأساس يفترض أن يكون الاحتفال بهذا اليوم ثقافة وطنية تتحد فيها كافة قطاعات الدولة ومؤسساتها لإبراز جهود المعلمين والمعلمات، والقضاء على كافة التحديات التي باتت تنغّص عليهم استمرار جهودهم، وكفاءة أدائهم وانتشالهم من بوتقة الإحباط التي باتت تسيطر عليهم عامًا بعد عام، وإيجاد حلول واقعية، وبدائل عملية للكثير من التحديات التي تقف حجر عثرة أمام تقدمهم واستمرار عطائهم.
وعطفًا على ما سبق؛ فإن يوم المعلم أصبح للأسف الشديد يمر في كل عام كمرور السحاب ولا نسمع أو نرى فيه أي مبادرات من القطاعات الحكومية أو الخاصة تدعو إلى تكريم المعلمين والمعلمات أو تدعو إلى عمل اللقاءات والندوات التي تبرز جهودهم مع فلذات الأكباد، وما يقدمونه من أعمال جليلة للمجتمعات، مع العلم أن لهم الفضل بعد الله -عز وجل- في صنع قصص النجاح لكل من يعمل في تلك القطاعات في مختلف المناصب والمراتب، بل أنه لم نعهد أي جهة تبادر إلى تقديم مساهمات تؤدي إلى تحسين أحوال المعلمين الاقتصادية والمعيشية وتقدير مكانتهم العلمية، اللهم بعض المبادرات الخجولة والباهتة في نفس الوقت من بعض المؤسسات التجارية والتي لا توفي المعلمين حقهم ولا ترقى إلى مكانتهم العلمية والمهنية بل إنها مجرد مشاركات على استحياء ونوع من الدعاية وتحصيل حاصل كما يقولون !
وختام القول، فإن المعلمين والمعلمات قد سئموا في يومهم العالمي من التعبيرات الشكلية، والعبارات الرنانة، والشعارات البراقة، والكلمات المنمقة، والاحتفالات الوقتية، لأنها لا تكفي للتعبير عن دورهم الفعال، ولا تكفي لتعبّر عن شرف الامتنان لمهنتهم السامية، كما أنها لا تكفي لتقديم الصورة النموذجية لإنجازاتهم العظيمة، بل إنهم يطمحون إلى الوقوف على قضاياهم ومطالباتهم المشروعة، وسن القوانين والأنظمة التي تكفل لهم حقوقهم من الحوافز التقديرية والمكافآت المالية، والترقيات المستحقة، والتدريب العالي، وكذلك اتخاذ إجراءات واضحة تضمن لهم فتح نوافذ الأمل والتفاؤل بقادم مشرق يصنع لهم مكانة على قدر العطاء الذي يقدمونه، كما أنهم يطالبون كافة المؤسسات الإعلامية بنقل أصواتهم، وتلمس احتياجاتهم واحتضان أفكارهم ومشاريعهم التربوية، ومنع نشر كل ما يؤدي إلى المساس بحقوقهم أو التقليل من مكانتهم، لتسير دفة مراكبهم نحو مستقبل أفضل يحمل معه مصابيح العلم والمعرفة، ويحقق الطموح والآمال لكافة المعلمين والمعلمات.
وخزة قلم:
باتت عبارة أعيدوا للمعلم هيبته؛ تتكرر آلاف المرات، بعد أن لحق بالمعلمِ ما لحق من خيباتٍ جسام. فمتى تُعادُ للمعلم كرامته؟!