لا تهتم معظم الأسر للأسف بعلاج طفلها الذي يعاني من زيادة الوزن أو السمنة، بل بالعكس تستخدم أساليب غير تربوية لمواجهة هذه المشكلة من خلال توبيخه بعبارات مثل يا “دبة” ويا “تخين” وغيرها من الكلمات والمصطلحات غير اللائقة، وهنا يصبح الطفل يواجه المصير المجهول مع وزنه الذي يزداد تدريجيًا ويصبح ملفتًا للنظر دون أي تدخل علاجي.
ومشكلة السمنة عند الأطفال شهدت معدلات انتشار وزيادة مخيفة نتيجة أسباب عديدة، إذ تلعب عادات أكل الطفل وكذلك نوعية الأغذية التي يتناولها دورًا في حدوث البدانة المفرطة، ومنها على سبيل المثال أكله لكميات مفرطة من الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية بدلًا من الأطعمة الصحية والأكل أثناء مشاهدة التلفزيون، وخدمة توصيل الأكلات السريعة للمنازل قد جعلت الأمر أسوأ، لأن ذلك شجع الأطفال على تناول الأطعمة غير الصحية، وانتشار استخدام حليب البودرة كبديل عن الرضاعة الطبيعية من ثدي الأم في العام الأول من عمر الطفل، إلغاء عادة الفطور يوميًا بسبب ضيق الوقت قبل المدرسة والأكل غير المنتظم كمًا ونوعًا، أي استبدال الوجبات الثلاث بأخرى عديدة متفرقة خلال النهار، والتي لا تحتوي على مكونات مغذية بقدر احتوائها على الدهون والسكر”.
ورغم استمرار برامج التوعية الصحية على مدار العام إلا أننا نجد أن المشكلة ما زالت موجودة في مجتمعنا، مما يؤكد على أهمية الدور الأسري في عدم تجاهل حالات الأطفال التي تشكو من السمنة، وعلاجها بالطرق الصحية، حتى لا يصل الطفل إلى مرحلة مضاعفات السمنة – لا قدر الله – ومنها إمكانية إصابته بالسكري النوع الثاني غير المعتمد على الأنسولين، وأمراض المرارة، أمراض الجهاز الهضمي، اضطرابات الدورة الشهرية، التشخير واختناق التنفس بالنوم، أمراض الشرايين وتصلب الشرايين، زيادة احتمال الإصابة ببعض أنواع السرطان، ارتفاع ضغط الدم، آلام المفاصل والأربطة، بجانب التأثيرات النفسية التي تتمثل في حدوث الاكتئاب النفسي من نظرة طلاب المدرسة والإخوان على أنه بدين، وقد يؤدي ذلك إلى العداء والتصرفات غير المحببة، وتأخر التحصيل العلمي، الإحساس بالنقص، اعتزال الزملاء والميل للوحدة، الإحباط، الخجل.
والحاجة ماسة لاستمرار تنفيذ برامج توعوية عن طريق الإعلام والمدرسة عن الغذاء الصحي ودور الرياضة في الوقاية والعلاج، وتقديم الغذاء الصحي بعيدًا عن المشروبات الغازية “استبدالها بشرب الماء” والحد من الوجبات السريعة وجميع أنواع الحلويات والشوكولاتة، والإكثار من الخضار والفاكهة والبروتينات، واستخدام الدهون النباتية أو غير المشبعة في تحضير الطعام، والتقليل من النشويات والسكريات العالية السعرات، وتجنب المقالي واستبدالها بالمسلوق والمشوي والابتعاد عن الأكل بين الوجبات الرئيسة، واعتماد برامج توعية وتثقيف من شأنها تشجيع الأطفال على اتباع أنماط صحية للتغذية، وتشجيع الأمهات على إرضاع أطفالهن، حيث ثبت أن الأطفال الذين ترضعهم أمهاتهم أكثر قابلية على التحكم بأوزانهم، وينصح بتناول الوجبات الصحية مثل الفواكه والخضراوات الطازجة والعصائر الطازجة والزبادي والجبن قليل الدسم، وتفادي تناول شرائح البطاطس فهي ضارة، وعدم استخدام الطعام كمكافأة، حيث يستخدم الآباء الحلوى كوسيلة لمكافأة الأطفال، وتجنب وصفات الحمية العشوائية والتجارية التي قد تؤدي إلى نقصان سريع في الوزن فهي تسبب مضاعفات صحية خطيرة كنقص في بعض الفيتامينات والمعادن الضرورية للجسم، وكذلك تؤدي إلى استعادة الوزن المفقود لاحقًا، وعلى الأسرة تشجيع الأطفال على تناول النشويات والألياف واستهلاك البروتين من مصدر نباتي وحيواني، ومن العوامل المساعدة لتجنب البدانة وضع جدول صارم ومحدد لأوقات الطعام وتعليم الأطفال على مضغ الأكل ببطء وعدم تناوله أمام التلفزيون أو الأجهزة الإلكترونية، وتشجيعه على ممارسة الرياضة، والتقليل من شرب عصائر الفاكهة المعلبة وإن خلت من السكر.
وطرق علاج السمنة تختلف حسب الحالة السمنة البسيطة والمتوسطة، فهناك عدة طرق لتخفيض الوزن أهمها نظام الغذاء والتمارين، إذ يتم استشارة أخصائي التغذية وهو الذي يحدد حاجة الطفل الغذائية وينصح الطفل بمعرفة كمية السعرات الحرارية التي يقدمها كل غذاء قبل تناوله، والبرنامج الغذائي الصحي والمتكامل هو الذي يعتمد على ضمان الحصول على جميع الحاجات الغذائية المهمة من جميع المجموعات الغذائية (الحبوب والفاكهة والخضراوات واللحوم والحليب) في وجبات اليوم، أيضًا لا بد من الرياضة لكونها من أهم الطرق الشائعة لحرق السعرات الحرارية وخصوصًا عند الأشخاص البدناء، فالرياضة الجماعية لمدة 30 دقيقة يوميًا مهمة جدًا لجميع أفراد العائلة، أما العلاج السلوكي فيتضمن تغيرات في النظام الغذائي والنشاط البدني وهي من أهم العادات الصحية التي تخفض الوزن.
أما العلاج بالعقاقير فيساعد في إنقاص الوزن والحفاظ على النتيجة المتوصل إليها، وهناك عدة طرق للعلاج الجراحي منها حزام المعدة، وتدبيس المعدة وهي جراحة سهلة وغير معقدة، أما شفط الشحوم فهي من الطرق الجراحية المهمة في معالجة الشحم في مناطق الجسم المتعددة.
(*) أستاذ واستشاري الأطفال وغدد الصماء والسكري بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.