تقوم إدارة الإعلام في أي قطاع حكومي أو خاص بدور مهم في تشكيل الصورة الذهنية لدى الجماهير؛ فهي مخولة بالتواصل المباشر، وقياس مدى رضاهم عن الخدمات المقدمة، وتوفير تغذية راجعة للارتقاء بمستوى جودة الخدمات؛ لكن لماذا لا تعمل كلها بنفس الكفاءة؟ هل لا يزال بعض المسؤولين غير مقتنعين بأهميتها؟ لماذا يرى البعض محتوى رسالتها الإعلامية في أغلبه ضعيفًا، ولا يهم غالبية جمهور المستفيدين؟ كيف يمكن تفعيل دورها والرقي بمستوى الكفاءات القائمة عليها؟
عدم القناعة وافتقار المهنية يضعف دورها؟!
يقول أسامة بن عبدالله الزيتوني: مدير إدارة الإعلام بأمانة العاصمة المقدسة، أعتقد أن العديد من إدارات الإعلام في أغلب القطاعات لا تزال تعاني من ضعف القدرات البشرية، وهذا هو الأهم، فالكثير منها يفتقر إلى التأهيل والخبرة والكفاءة المهنية؛ فضلًا عن ضعف الإمكانات الفنية، والتقنية، إضافةً إلى مسألة جوهرية ومؤثرة تتمثل في عدم قناعة الكثير من القائمين عليها بشكلٍ كافٍ بمدى أهمية وجود إدارة للإعلام؟! رغم ما يمكن أن توفره كوحدة لقياس كفاءة القطاع الذي تتبعه، ومعرفة مدى رضا جمهور المستفيدين عن خدماتها، ودورها الكبير في تشكيل الصورة الذهنية لدى الجمهور مشيرًا إلى ضرورة إعطائها الأولوية لمواكبة تطلعات المملكة ورؤية 2030 .
يجب مدُّها بالكوادر المؤهلة …!
يقترح الزيتوني عددًا من الخطوات التي يمكن من خلالها تفعيل دور إدارات الإعلام في القطاعات الحكومية، مثل: اعتماد هيكل تنظيمي مناسب لإدارة الإعلام وربطه برأس الهرم مباشرة، مستحسنًا فصل إدارة الاعلام عن الإدارات المشابهة لها كإدارة العلاقات العامة أو التسويق، وإنشاء أقسام إعلام متخصصة ومجهزة بأحدث التقنيات، وتحديد مهامها بوضوح، ومنع التدخل فيها من إدارات أخرى مع توفير كوادر مؤهلة، وذات إمكانيات مهنية عالية، وتوسيع هامش الحرية للعاملين في إدارات الاعلام، وإعطاء مساحة أكبر من الصلاحيات، وتوفير الأجهزة، والوسائل التكنولوجية، وإدخال التقنيات الحديثة “الإنترنت، وسائل الاتصال الحديثة، المواقع الإلكترونية، كاميرات التصوير المطورة”، وأخيرًا تدريب الكوادر العاملة باستمرار لمواكبة التطورات.
لغتها جامدة وقوالبها قديمة؟!
ومن جانبها تقول عبلة عبد الجليل مرشد ـ أكاديمية وكاتبة رأي ـ: دور إدارات الإعلام في الوزارات، والجهات الحكومية خاصةً كبير ومهم جدًا في توضيح سياسات القطاع الذي تنتمي إليه، وأهدافه ونظامه، وذلك عبر قنوات حية، وتواصل مستمر، والأهم الإجابة على استفسارات المستفيدين من مختلف طبقات المجتمع؛ فهي همزة الوصل لنقل وشرح جميع المستجدات بشفافية ووضوح محذرةً من الاكتفاء، والاعتماد الكامل على البيانات الرسمية التي كثيرًا ما تكون جامدةً أو غير مفهومة أو تقليدية في الشكل والمضمون! مضيفةً سببًا آخر لضعف دورها الإعلامي ويرجع للجهة التي تتبعها، وطبيعة التعليمات والتوضيحات التي تتلقاها ومدى إلمامها برسالة القطاع الذي تمثله! وتؤكد الدكتورة عبلة أن غياب الوعي بأهمية دور إدارات الإعلام يوجد فجوة كبيرة مع الجمهور وتطلعاته ومشكلاته، مشددةً على أهمية تعزيز دورهم بالتنسيق المستمر مع وسائل الإعلام المختلفة، لتدفق البيانات والمعلومات، وسد الثغرات، وإيصال الرسالة إلى المجتمع بكافة شرائحه.
أخبار أصحاب المعالي تتصدر الأولويات؟!
يؤكد رجاء بن أحمد جمال، المهتم بالشأن العام، أن المأمول من هذه الإدارات كان مواكبة القفزة النوعية في الإنجازات التي تتحقق خاصة في مجال التواصل الاجتماعي والتقنية؛ لكن التغيير مع الأسف اقتصر على المظهر؛ أما المضمون فلا يزال يُدار بذات العقلية، وينقصه التجديد والإبداع! مشيرًا لانعكاس هذا الجمود بالسلب على برامج تقديم الخدمات العامة عبر الفضاء الإلكتروني التي استهدفت توفير الوقت والجهد، والتيسير على جمهور المستفيدين، بل زادت المعاناة! مرجعًا ذلك في المقام الأول لضعف إعلام هذه الإدارات وغياب التواصل، وإهمال قياس مدى رضى المستفيدين؛ بل والأهم حالة التبرير، والاقتصار على الأخبار البروتوكولية التي لا تهم كثيرًا قطاعًا كبيرًا من الجمهور؛ مطالبًا بضرورة إعادة النظر في سياسات هذه الإدارات لمواكبة طموح المملكة ورؤية ٢٠٣٠.
الرسالة لا تعكس حجم الإنجازات!!
يؤكد الدكتور أصيل بن ساير الجعيد ـ أستاذ القانون الجنائي ـ أن غياب إدارة إعلام تدرك طبيعة وأهمية دورها يترك فراغًا كبيرًا، وبالتالي لا تصل الرسالة للجمهور المستهدف؛ حتى لو كان ذلك القطاع الذي تمثله يقوم بعمل مميز ويحقق إنجازات؛ مشيرًا إلى مسؤولية هذه الإدارات، وبشكل كبير عن مستوى الثقة المتبادلة مع المستفيدين ومؤكدًا أن قياس مستوى رضى الجمهور، ومعرفة احتياجاته الحقيقية ورغباته وتوفيرها لصناع القرار يسهم بشكل فعَّال في حل الكثير من المشاكل، وإيجاد الحلول المبتكرة، وفي الختام يشير الدكتور أصيل إلى أهمية المكاشفة بين جميع الأطراف في الحقل الإعلامي، وضرورة توفر المصداقية، والشفافية، واحترام الحق في الحصول على المعلومات وتدفقها مطالبًا بتفعيل مهارات الاتصال الناجح وفق أولويات وأهداف المرحلة؛ خاصةً في هذه الفترة الانتقالية التي تمر بها المملكة وتوجهها نحو التنافسية العالمية والريادة.