المقالات

الكتابة وشيء من الوجع!

إذا كان الإبداع نزفًا يولد من رحم المعاناة والألم؛ فإن الكتابة هي النفس والدم في عروق جسد الكاتب الذي يسير به نحو إشراقات الأمل ونوافذ البوح!
وربما لأن الكتابة ابتكار وليس تقليدًا يستطيع الإنسان أن يكتب واقعه والألم الذي يعتصر روحه، ولكن سوف يدفع الثمن غاليًا كونه إنسانًا يبحث عن قنديل الحقيقة، ومشاعل الأمل بين واقع متغير؛ وربما لأن الكاتب له قدرة فريدة على تصوير الحروف ونقش المفردات وملامسة الهموم للوصول إلى ما في النفس لمحاكاة العملية العقلية والذاكرة الجمعية وصياغة الأفكار، ونثرها بواقع حقيقي بدون استنساخ لذلك “يبدع” الكاتب؛ كونه يكون قريبًا من نفوس القراء ويصل إلى قلوبهم!
والكتابة هي ممارسة جميلة تجعل الكاتب أكثر تاملًا في واقعه هي مثل الملح الذي ينثر على زوادة الجراح تحمل في ثناياها الألم والأمل وشيئًا من الوجع، وربما تتسبب في مشاكل لا حصر لها لمن ارتوى بحب القلم وعشق القراءة بين أمهات الكتب. هي مثل الدواء (العلقم) مرارتها في نجاعتها وتحقيق المراد؛ والوصول لأهدافها السامية!
هي مغامرة قوية لوضع النقاط على حروف الحياة المبعثرة، وهي تجسيد لحبر الروح وعصارة الفكر وثقافة الإنسان لكي يكون قريبًا من حضيض الورق ويلامس جراح الناس؛ وهموهم؛ نكتب لكي نطور ذاتنا المليئة جراحًا من واقع نحن نعيش لحظاته. نكتب لكي نوثق شيئًا من هموم المعايشة ورصد سلبيات المجتمع، وإيجابيات الحاضر والمستقبل!
الكاتب الجيد هو مثل الطبيب الماهر قادر على تناول وتضميد جراح الواقع واستئصال كل ورم خبيث من جسد المجتمع وملامسة تفاصيل الحقيقة التي يعايشها الكبير والصغير. الغني والفقير. الغفير والوزير!
أنا بالنسبة لي أتنفس بالكتابة لكي أعيش مع الناس بدون رتوش ومجاملة ومحاولة تجميل الواقع القبيح فليس كل ما يكتب يثير القارئ الكريم ويستفزه ويحرك مشاعره. لكن !
أن تكون كاتبًا صادقًا يجب أن تصارع نزاهتك فكل نفس أمارة بالسوء في زمن اختلاف المفاهيم وتغير النفوس، ولكن يكفي أن تكون صادقًا مع ربك مخلصًا لدينك ثم مليكك ووطنك؛ لا تبحث عن مصالح دنيوية خاصة!
لأن الكتابة هي (الوجع) بكل معانيها السامقة؛ في زمنا اختلط به الحابل بالنابل؛ وتغير المفاهيم والقيم الإنسانية والثوابت عند البعض بحثًا عن شهوة المال، والركض نحو مغريات الحياة!
خروج:
وما مِن كاتبٍ إلا سيَفْنَى ويُبْقِي الدهرُ ما كَتَبَتْ يَداهُ
فلا تَكْتُبْ بِكَفِّكَ غيرَ شيءٍ يَسُرُّكَ في القيامةِ أنْ تَراه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى