تحظى رياضات ذوي الإعاقة باهتمام ملحوظ في المملكة العربية السعودية، انطلاقاً من إيمان الحكومة الرشيدة بقدراتهم، وتوجيهها بتوفير كل سبل الدعم وتوفير بيئة حاضنة لهم تساعدهم على التطور وتحقيق كامل إمكاناتهم وأحلامهم، وإعداد المواهب الرياضية القادرة على تعزيز حضور المملكة في مختلف المحافل الرياضية الدولية.
وقبل أكثر من 3 عقود، تبلوّر هذا الاهتمام في تأسيس المظلة الرسمية لنشاطاتهم بتأسيس الاتحاد السعودي لرياضة ذوي الإعاقة في عام 1991، والذي مر بالعديد من المتغيرات في الهيكلة والمسميات وصولاً إلى دمج اللجنة الأولمبية واللجنة البارالمبية تحت كيان واحد باسم اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية في العام الماضي. ومنذ تأسيس الاتحاد، وضعت عدة خطط وبرامج تعمل على جذب اهتمام الرياضيين من ذوي الإعاقةوالعمل على مشاركة أكبر عدد من اللاعبين بالأنشطة المختلفة،وبالفعل أتت تلك الجهود أُكلها، وحققت رياضة ذوي الإعاقة في المملكة العربية السعودية العديد من الإنجازات إقليمياً وقارياً ودولياً.
وتجسيداً للاهتمام الحكومي بهذه الشريحة، أطلقت وزارة الرياضة في العام 2021، مبادرة “برنامج فخر”، والذي تندرج تحت برنامج جودة الحياة، في إطار الجهود لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتركز على تأهيل وتدريب ذوي الإعاقة ودمجهم بالمجتمع الرياضي المحلي والدولي، وتستهدف تحسين جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة عبر اكتشاف قدراتهم الرياضية وتطويرها، وتعزيز المشاركة المجتمعية في الأنشطة الرياضية لذوي الإعاقة، وصناعة أبطال رياضيين يمثلون الوطن في المحافل المحلية والإقليمية والدولية وتحقيق إنجازات عالمية.
وتحظى رياضة ذوي الإعاقة في المملكة بتقدير كبير على المستوى الدولي، وحقق لاعبوها العديد من الإنجازات على مختلف الأصعدة، ورفعوا راية الوطن خفاقة على مختلف منصات التتويج، ولعل أبرزها تحقيق أسامة الشنقيطي أول إنجاز بارالمبي للمملكةبحصوله على الميدالية الذهبية في الوثب الثلاثي في منافسات دورة الألعاب البارالمبية في بكين 2008، إضافة إلى تحقيقه ميدالية فضية في منافسات الوثب الطويل بنفس الدورة، كما حقق هاني النخلي الميدالية الفضية في منافسات رمي القرص في دورة لندن 2012، والميدالية البرونزية لمنافسات رمي الجلة في دورة ريو 2016.
وفي بطولة العالم لألعاب القوى في دبي 2019، حقق العداء نور الصناع الميدالية الذهبية، وتمكن زميله عبدالرحمن القرشي من تحقيق الميدالية الفضية في سباق 100متر على الكراسي المتحركة، كأول لاعب سعودي يحقق ميدالية فضية في تاريخ بطولات العالم لذوي الإعاقة في منافسات الكراسي المتحركة، والتي كللها بتحقيق الميدالية البرونزية في دورة الألعاب البارالمبية طوكيو 2020، وذلك في أول مشاركة له في الألعاب البارالمبية.
فيما حقق الرباع عبادة هوساوي الميدالية الذهبية في بطولة كأس العالم لرفع الأثقال في المجر عام 2019، كما حقق الرباع خالدالناجم ميدالية فضية، والرباع ميسر العليمي ميدالية برونزيةفي نفس البطولة، وفي دورة الألعاب البارالمبية الآسيوية في جاكرتا 2018، حقق منتخب ألعاب القوى السعودي 8 ميداليات ملونة.
وفي دورة غرب آسيا في خورفكان 2017، حققت البعثة السعودية 27 ميدالية متنوعة، و22 ميدالية في الدورة التالية في الأردن 2019، وفي بطولة العالم للشباب في مدينة نتويل السويسرية في 2019، حقق علي النخلي وأسامة مسرحي 4 ميداليات فضية، وفي دورة ألعاب غرب أسيا بالبحرين 2022، حقق فواز عجارم وجزاء الشمري فضيتين في كرة الطاولة، وحقق الرباع عدنان عبدالله نورسعيد ميدالية ذهبية والرباع أصيل هوساوي والرباع عبادة هوساوي ميداليتين فضيتين في نفس البطولة.
وسجل اتحاد كرة السلة على الكراسي المتحركة نفسه في سجل الإنجازات بتحقيقه بطولة الخليج لكرة السلة في الكويت عام2018، كما حقق منتخب كرة الهدف العديد من الإنجازات أبرزها الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الخليجية في المنامة عام 2011،وفي الدمام 2015.
واستكمالاً لهذا النهج الوطني، أدرجت دورة الألعاب السعودية 5 ألعاب بارالمبية إلى قائمة الألعاب المشاركة في نسختها الأولى، والتي تستضيفها العاصمة الرياض خلال الفترة من 27 أكتوبر وحتى 7 نوفمبر المقبل، حيث تستقطب الدورة مئات الرياضيين في ألعاب القوى ورفعات القوة وكرة الطاولة، وكرة الهدف وكرة السلة على الكراسي المتحركة، بهدف تعزيز منافسات الرياضات البارالمبية في المملكة، وبما يتماشى مع مستهدفات الدورة بتعزيز بتعزيز دور الرياضة في المجتمع، وتحفيز الاتحادات والأندية على الإعداد لمستقبل أكثر إشراقاً للرياضة السعودية.
وتعتبر الرياضات البارالمبية الخمسة في دورة الألعاب السعودية، من الألعاب التي يشارك فيها رياضيون من ذوي الإعاقات الجسدية، وهي رياضة كرة الهدف التي يتنافس فيها فريقان من 3 مكفوفين، يتبارزون على إدخال كرة بداخلها جرس في شباك الفريق الآخر، أما كرة الطاولة لذوي الإعاقة وهي لعبة للمعاقين حركياً تلعب من وضع الوقوف ومن وضع الجلوس على حسب التصنيف الطبي للاعبين، وفي حالة اللعب من وضع الوقوف يطبق على اللاعبين قوانين الأصحاء ولا يوجد أي اختلاف على القانون أما في حالة العب من وضع الجلوس فهناك اختلاف وخاصة في الإرسال والاستقبال، كما أن اللعبة تمارس في مسابقات للفردي والزوجي.
أما كرة السلة على الكراسي المتحركة فهي لعبة لمن يعانون من مستويات مختلفة من الإعاقات الجسدية التي تمنع الركض والقفز والدوران حول السلة، كما تُلعب بين فريقين من خمسة لاعبين لكل منهما، وهي تشبه إلى حد بعيد كرة السلة العادية، ويضم كل فريق 12 لاعبًا منهم خمسة فقط في الملعب، والهدف هو تسجيل أكبر عدد من الأهداف في السلة في غضون أربع فترات كل فترة منها 10 دقائق، ويستخدم اللاعبون الكراسي المتحركة الصغيرة وخفيفة الوزن لتوفير التوازن والاستقرار.
أما ألعاب القوى فيشارك بها الرياضيون من ذوي الإعاقة الحركية والبتر وقصار القامة والشلل الدماغي والإعاقة البصرية وكذلك الإعاقة الذهنية، وتنقسم إلى مسابقات المضمار ومسابقات الميدان، حيث تشتمل مسابقات المضمار على عدو المسافات القصيرة وجري المسافات المتوسطة والطويلة، ومسابقات الكراسي المتحركة لمسافات قصيرة ومتوسطة وطويلة. وكما تشتمل أيضاً على سباقات الجري على الطريق والمارثون. وتتضمن منافسات الميدان مسابقات الوثب والرمي، حيث تنقسم مسباقات الوثب إلى الوثب الطويل والثلاثي والعالي ومسابقات الرمي على دفع الجلة ورمي القرص والرمح والصولجان. ويتم توزيع الرياضيين وفقاً لنوع الإعاقة من خلال نظام التصنيف المعتمد.
أما الرياضة الخامسة فهي رياضة رفع الأثقال لذوي الإعاقة، والتي تعد أقوى اختبارات التحمل للجزء العلوي من الجسم، وهي لعبة فردية تتضح فيها قوة الرباع، وممارستها متاحة لكلا الجنسين، ويتنافس جميع الرياضيين المؤهلين في لعبة واحدة ولكن في فئات أوزان مختلفة، ويشارك فيها رياضيين بدرجات إعاقة متفاوتة، منها ضعف القوى العضلية مثل ضمور القوى العضلية، مشاكل في الحركة، عجز في الأطراف، اختلاف في طول الرجلين، التقزم، التوتر العضلي، الرنح، التصلب، ويعتبر وضع الرقود هو الوحيد في رفعات القوة، مع 10 فئات مختلفة، وفقاً لوزن الرياضي، ويجب أن يسحب المتسابق قضيب الوزن حتى يلمس الصدر، بلا حركة، ثم يرفعه صعوداً بطول الذراع، مع قفل المرفقين، ويحق للمتسابقين 3 محاولات، والفائز هو الذي يستطيع أن يرفع الوزن الأثقل.