المقالات

عند سداد الدين لما يتغيرون ؟

قد يضطر أي شخص في هذه الحياة إلي طلب مبلغ من المال من الآخرين في حال وجود حاجة لذلك؛بسبب تجاوز المبلغ المطلوب حدود الإمكانيات سواء عند إتمام مراسم الزواج، أو عند بناء المسكن الخاص به، أو في حال الاضطرار لإجراء عملية جراحية عاجلة في مستشفى خاص، وأحياناً للأسف عند السفر وخاصة خارج الحدود وهذا من أسوأ أنواع طلب الدين..! فينظر إلي أقرب الناس له من الدائرة المحيطة به من الأقارب والأصدقاء وزملاء العمل. فيطلب الشخص المعني وهو مطمئن لاستجابة طلبه؛ بناءً على العلاقة المتميزة، وعلى الرؤية المعروفة مسبقاً للقدرة المالية عند الآخر وفي الغالب يتم تحقيق الطلب المراد من أول مرة وبطبيعة الحال لا يخلو من التكلف والحرج بين الطرفين في الطلب والقبول. ومن ثمّ يُقدم الشكر والتقدير والتعهد بسداد الدين عند حلول الوقت المتفق عليه. وفي كل الأحوال الدين غم وكآبة ومهانة ومذلة.

وحقيقة تألمت مؤخراً من ألم أحد الأصدقاء؛ لحديثه الشخصي عن تجربة قريبة جداً حصلت له عن شخص يثق به جيداً وعلى خلق عالٍ وسيرة حسنة بين الناس احتاج هذا الشخص في مبلغ من المال فلم يتأخر في توفيره له؛ لثقته الكبيرة فيه، وللمعرفة القديمة التي تربطهما ببعضهما لسنوات طويلة. وبعد حلول الوقت المتفق عليه بدأت قصص الأعذار المتكررة، والتطمينات الزائفة وصولاً إلى عدم الرد على الاتصالات المستمرة وأخيراً الهروب المخجل. والآن هو في حيرة من أمره ويتسآءل بحرقة ماذنبي؟ ولماذا هذا التصرف المؤلم؟ وعلى النقيض قصة مشابهة في مكان آخر فقد كان الطرف المديون ليس في ملامحه صفات القدوة، أوالسلوك المثالي، وعلى قدر بسيط من التعليم وكان على الموعد وقت حلول سداد الدين. وعلى أي حال لكل قاعدة شواذ ولا يحكم بالعموم على جميع الناس فما نراه في الظاهر من جمال وحسن على بعض الأشخاص قد يحمل كمية كبيرة من القبح والسوء في الداخل.

إن لنا في ديننا الحنيف مرجعاً شاملاً في كل أمور حياتنا. وهنا تحديداً مسألة قضاء الدين فمن كان عليه دين وأراد بالفعل الوفاء وسداده سهل الله عليه، والعكس صحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في باب الدين وحث المدين على الوفاء بالسداد:” من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله” رواه البخاري. أو كما قال عليه الصلاة والسلام. والمأمول من كل شخص غير ملتزم أو مماطل في سداد دينه أن يتذكر جيداً أول خطواته المرهقة في الذهاب لصاحب الدين وماعليه من خجل وذلة وكيف قضى حاجته بعد توفيق الله سبحانه في حينها وما هو عليه الآن من جحود ونكران لهذا الجميل فعلى أقل تقدير تقديم الاعتذار عن التأخر في السداد والتأكيد على الوعد الصادق في أقرب فرصة متاحة؛ للوفاء بالالتزام المادي فما يؤخذ بوجه جميل يفترض أن يرد بوجه أجمل ونأمل أن نمحو تماماً من قاموسنا اليومي عبارة عند سداد الدين لماذا يتغيرون؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى