تستضيفُ مدينة شرم الشيخ مؤتمر قمة المناخ COP27 في 6 من نوفمبر وحتى 18 من الشهر نفسه للعام الحالي 2022؛ بحضور أكثر من 30 ألف مشارك وحضور رسمي من 197 دولة في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي لمناقشة قضايا التغيرات المناخية، وسبل التغلب عليها.
وتعد قضايا المناخ من أهم التحديات التي تواجه العالم منذ الثورة الصناعية وحتى الآن بسبب ارتفاع نسب الانبعاثات وزيادة درجات الحرارة، إذ يتسبب النشاط البشري في أضرار جسيمة تُعاني منها كل الدول والمجتمعات وقطاعات النشاط الاقتصادي، الأمر الذي يتطلب توحيد جهود الدول حول قضايا التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، حيث يقرّ المجتمع الدولي بأهمية التعليم في التصدّي لتغيّر المناخ، وتدعو “اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ واتفاق باريس للمناخ” الحكومات إلى تثقيف جميع الدول حول قضايا وآثار المناخ.
وبذلك يعتبر التعليم أحد العوامل الحاسمة في معالجة قضية تغير المناخ. كونه العنصر المؤثر في المورد البشري للحاضر والمستقبل، وتستند اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للقيام بحملات تثقيفية وحملات توعية عامة بشأن تغير المناخ لضمان مشاركة شاملة في البرامج والوصول إلى المعلومات حول قضايا المناخ من خلال اتباع نهج التعلم مدى الحياة بدءًا من مرحلة التعليم قبل الابتدائي إلى التعليم الجامعي؛ بهدف تزويد جميع المتعلمين بكفاءات أساسية لا تقتصر على المعرفة فقط، بل تشمل أيضًا الوعي والإجراءات الاجتماعية والعاطفية، بما في ذلك التفكير النقدي والتعاون.
من خلال هذه المعرفة والمهارات والقيم والتوجهات؛ حيث يكوِّن المتعلمون فكرة شاملة حول تعقيد أزمة المناخ، وقد أكدت ذلك قمة التحول المنشود في التعليم التي عقدها الأمين العام للأمم المتحدة في شهر سبتمبر الماضي على ضرورة التحول في التعليم للاستجابة لأزمة المناخ والبيئة العالمية. بناءً على المعرفة والممارسة المتراكمة في التعليم من أجل التنمية المستدامة، وتهدف شراكة التعليم من أجل التخضير الجديدة إلى تنفيذ إجراءات قوية ومنسقة وشاملة من شأنها أن تجهز كل متعلم لاكتساب المعرفة والمهارات والقيم والتوجهات لمواجهة تغيرات المناخ.
جهود دولية في التعليم المناخي
التعليم في مجال التغير المناخي هو تعليم يهدف إلى معالجة وتطوير الاستجابات الفعالة لتغيّر المناخ، ويساعد على فهم أسبابه وعواقبه، والاستعداد للتعايش مع آثاره، ويُمكّن المتعلمين من اتخاذ الإجراءات المناسبة لتبني أنماط حياة أكثر استدامة ويعد برنامج اليونسكو للتعليم في مجال التغير المناخي الذي أُنشئ في عام 2010، والذي يساعد الطلبة على فهم التغير المناخي من خلال توسيع أنشطة التعليم في مجال التغير المناخي في التعليم الرسمي وغير الرسمي، من خلال وسائل الإعلام والتواصل والشراكات، ويعزز أساليب التعليم والتعلم التشاركي اللذين يحفزان المتعلمين ويمكنهم من فهم تأثير الاحتباس الحراري وزيادة «التثقيف المناخي»، وجعل التعليم جزءًا أكثر مركزية من الاستجابة الدولية للتغير المناخي؛ حيث تعمل اليونسكو مع بعض الحكومات الوطنية لدمج التعليم في مجال التغير المناخي في المناهج الوطنية وتطوير مناهج التعليم للقيام بذلك ومن تلك الدول دولة إستراليا . فقد اعتمدت في عام 2000 خطةً وطنيةً بعنوان التعليم البيئي لمستقبل مستدام؛ وذلك بإطلاق عدد من المبادرات لتنفيذ الخطة الوطنية، ومن أبرزها مبادرة المدارس المستدامة الأسترالية، وفي عام 2014 تم إطلاق أول منهج دراسي وطني في التغير المناخي وفي الصين تم إدخال التعليم البيئي في أواخر سبعينيات القرن العشرين، وتم التوجه نحو التعليم البيئي بعد مؤتمر (قمة ريو دي جانيرو عام 1992)، وفي عام 2003 تم تطبيق التعليم البيئي في المدارس الابتدائية والثانوية- وفي عام 2010 تم دمج المناهج، وبناء قدرات المعلمين في مجال التغير المناخي، وفي الدنمارك عام 2009، تبنت وزارة التربية بعد انعقاد قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ، المعروفة باسم قمة كوبنهاغن 15 استراتيجية وطنية بشأن تغير المناخ. وتضمن منهج المدرسة الوطنية لتعليم تغيرات المناخ. وفي إنجلترا كان التعليم البيئي موجودًا منذ سبعينيات القرن العشرين، عندما أخذت منظمات المجتمع المدني زمام المبادرة. وعززت ذلك الحكومة منذ أواخر تسعينيات القرن العشرين، وكان هناك عدد من المبادرات المتعلقة بالتعليم بشأن التغير المناخي؛ حيث أُدخل التعليم في مجال التغير المناخي في مقرر الجغرافيا وفي عام 2010 تم تطبيق مبادرة «المدارس المستدامة» من خلال ما تم عرضه من جهود دولية يتضح لنا أن للتعليم دورًا بالغ الأهمية في تعزيز العمل المناخي، فهو يساعد الطلبة على فهم آثار أزمة المناخ والتصدي لها عبر تزويدهم بالمعارف والمهارات والقيم والسلوكيات اللازمة، وأن يكونوا أطرافًا فاعلة وكما أنه يساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة. في الفصول الدراسية، وتعلُّم كيفية التكيف مع تغير المناخ؛ ولذلك أصبح من المهم أيضًا ضمان أن تصبح أنظمة التعليم أكثر صمودًا في مواجهة تغيرات المناخ؛ وذلك بإنشاء مدارس آمنة لا تتأثر بالمناخ ومن أبرز ذلك ما قام به الاتحاد الأوربي بإدراج مفهوم التعليم الأزرق بإنشاء مشروع “المدارس الزرقاء” عام 2021 لمواكبة التطورات لتحدي التغير المناخي.
المدارس الزرقاء
في عام 2021 تم إطلاق مشروع المدارس الزرقاء تحت إشراف الاتحاد الأوروبي، ويستهدف مشروع المدارس الزرقاء المدارس الثانوية الساحلية في دول الاتحاد الأوربي وشمال البحر المتوسط، وإدخال مفهوم الاقتصاد الأزرق إلى التعليم المدرسي من أجل بناء جيل جديد حساس للقضايا البيئية والتراث البحري والتنمية ودعم الطلاب؛ ليكونوا على دراية بالاقتصاد والثقافة وتعلم كيفية بناء مستقبل مستدام في المناطق الساحلية وتعليم الطلاب بشكل أساسي من خلال المشاريع التعليمية البيئية، وكذلك التعلم عن طريق العمل ثم التفكير عمليًا. وتعمل مناهج المدارس الزرقاء من خلال الفصول الدراسية والمجتمعات حيث يكتشف الطلاب أهمية مستجمعات المياه المحلية الخاصة بهم، ويتعرفون على الملوثات التي يمكن أن تلوث مياه الشرب المحلية، ويقيمون صلة شاملة بين بيئتهم الخاصة والصحة طويلة الأجل لإمدادات المياه المحلية والحياة البرية والمحيطات. من خلال المساعدة في فهم العلاقة بين الأنهار والمحيطات، واحترام النظم الإيكولوجية البحرية والبحرية ونوعية الحياة ويتماشى مشروع المدارس الزرقاء مع المبادئ التوجيهية للاتحاد الأوروبي بشأن الاقتصاد الأزرق كنشاط مستدام لصالح الأقاليم الأوروبية، وقد تم تحديد إعداد المدارس الزرقاء، ووضع معايير لتقييم المدارس الزرقاء ومشاريع الطلاب الزرقاء، وتصميم أدلة للمعلمين، وورش عمل تدريبية، ونشاط تعليمي عابر للحدود الوطنية وندوات عبر الإنترنت لتمكين معلمي المدارس من المشاركة وتبادل الخبرات في المشروع.
مقال أكثر من رائع يا دكتور ماجد .. كنت اتمنى أن أجد في طياته توصيات واضحة تحث وزارة التعليم والمؤسسات التعليمية المختلفة على الاهتمام بالتعليم الأزرق ووضع منهج يربط سكان المدن الساحلية لدينا ببيئتهم البحرية وكيفية المحافظة عليها وكيفية تنمية النشاطات الاقتصادية البحرية المختلفة تنمية مستدامة . تحياتي