المقالات

المرور ونجم

كنت في أحد الأيام مشغولاً في عملي بالمستشفى، ولم أنتبه للرسائل النصية الواردة إلى جوالي، وبعد أن فرغت من عملي انتبهت لتلك الرسائل، وكان منها رسالتين أحدهما من شركة نجم التي تقدم خدمات مساندة المرور في مباشرة الحوادث المرورية، وكان محتوى الرسالة كالتالي :”تم تسجيل حادث للمركبة، رقم اللوحة(…)”

والرسالة الأخرى من الإدارة العامة للمرور ومضمون الرسالة هو التالي : ” نود احاطتكم بأنه تم تسجيل حادث مروري على المركبة من نوع (…) ورقم اللوحة (…) بمرور مكتب نجم بالتاريخ والوقت ورقم الحادث”

نشكر الإدارة العامة للمرور، وشركة نجم على استخدام التكنولوجيا في تقديم خدماتها، ولكن ربما يكونوا قد غفلوا عن أن مثل هذه الرسائل قد تكون فاجعة، وقد تؤدي إلى الوفاة، فمثلاً عندما انتبهت لتلك الرسائل، كان وقت الحادث ابني هو الذي يقود سيارتي، وقد فضّل عدم ابلاغي، ولا إبلاغ والدته حتى لا نقلق عليه، وقد أجل إبلاغنا بذلك لحين عودته إلى المنزل، ولم يكن يعلم بالرسائل النصية التي وصلتني من المرور ونجم عبر الجوال، لأن المركبة مسجلة بإسمي .

وعندما انتبهت للرسائل-خاصة أن الرسالة وصلتني من مدة، ولم يتصل بي ابني ليبلغني بالحادث-أصابني القلق الشديد، والتوتر، والخوف، وهجمت عليّ الأفكار السلبية السوداوية، والهواجس، وشعرت وقتها بخفقان زائد في القلب، وتعب بسبب حالة القلق، وكأن الدنيا أظلمت في وجهي، لدرجة أن حالتي وصلت إلى الإعياء العام، وصعوبة في الحركة بشكل طبيعي، وشعرت بالدوار، حتى أني فكرت في مراجعة الطواريء بالمستشفى التي أعمل به، ولكن فضلت مغادرة عملي للإطمئنان على ابني.

وقبل مغادرة مقر العمل توجهت إلى المدير المناوب للإستئذان منه، وعرّفته بالسبب، وقد لاحظ عليّ القلق وبرودة شديدة في يدي، فذكرني -جزاه الله خيراً -بالصلاة على النبي، صلى الله عليه وسلم، وفعلاً بعد ترديد ذلك الذكر شعرت براحة، وهدأ روعي، وزال عني التوتر والقلق تدريجياً، ولله الحمد، لأن الله قال : “ألا بذكر الله تطمئن القلوب”.

وحتى لا تتكرر حالتي الصحية هذه مع غيري، الرجاء من كل ابن، في حالة تكررت معه مثل هذه الواقعة -لا قدر الله- الإسراع بطمأنة والديه عليه، بأسلوب هاديء وتدريجي، قبل أن تصلهم الرسائل المفاجئة من المرور ونجم.

وكذلك رسالة لكل أب وأم لا تفكروا في الأسوأ، فقد أثبتت الدراسات، وفقاً لما أشار إليه مختص في مقطع مرئي سبق أن شاهدته شخصياً، أن ٩٠ ٪؜ من الأفكار السلبية التي نفكر فيها لا تحدث.

ورسالة أخيرة للمرور ونجم، المرجو منكم إعادة دراسة آلية إرسال رسائل إبلاغ أصحاب المركبات بالحوادث المرورية الواقعة على مركباتهم، حتى لا تؤثر الرسائل على المتلقي لها في حالة كان قائد المركبة ابنه أو ابنته أو زوجتة، فقد يكون هذا المتلقي للرسالة أب أو أم أو أخ من مرضى القلب، فيفجعون، ويؤثر ذلك على حالتهم الصحية، وقد يؤدي للوفاة لا قدر الله.

مستشار أسري واجتماعي
بمستشفى الملك فيصل بمكة المكرمة

عبدالرحمن حسن جان
ماجستير خدمة اجتماعية

للتواصل مع الكاتب
Abdulrahmanhjan@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى