من أهم وأخطر المراحل المفصلية في حياة الإنسان هي مرحلة البدايات التي توجه طموحاته. وآماله؛ لتحقيق الهدف الذي يسعى للوصول له؛ تلك المرحلة المفصلية في حياة أي إنسان سواء كان كاتبًا أو شاعرًا أو تاجرًا أو طالبًا أو صاحب مهنة شريفة أو موهبة أو هدف سام هي مرحلة الانطلاقة التي يسعى من خلالها لكي يصبح رقمًا مهمًا وهي أشبه بحجر الزاوية التي يرسم من خلالها تصوره عن المغامرة التي يريد الانطلاق لها. وبالرغم من أن الإنسان ابن بيئته ويصارع الصعوبات كجزء من حياته كونها رقمًا من ضمن الأرقام التي تمره في هذه الحياة لكن الإنسان الواعي هو الذي يستعين بالله -عز وجل- ويعزم ويتوكل ويضع له خطة لكي يتجاوز البداية كونها رهانًا للمستقبل وهي المرتبطة بالنهاية!
البدايات الجميلة لا تحمل نفس شعور النهاية؛ لأنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بنتائج العمل. فخلق الله تعالى الإنسان وكلفه بالعمل والعبادة (وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا) مما يعني صراع القوى الحتمي منذ الأزل بين قوى الخير والشر.
العمل والإخلاص والمثابرة هي مفاتيح تجاوز إرهاصات صعوبة البداية؛ لأن أي تجربة محكومة بالنجاح والفشل في إطار مقتضى القدرات الربانية التي يعجز عن فهمها الإنسان يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (اعملوا فكلن ميسر لما خلق له) رغم وجود التدافع في الأرض الذي يؤكد القدرة الربانية وتحديد القدر لله سبحانه وتعالى ومفاتيحه بين الكاف والنون كن فيكون!
لكن شعور الإنسان في مرحلة البدايات يجعله في داخل دائرة التحدي والتفكر والتأمل؛ كونه يرسم مرتكزات أحلامه قبل الدخول إلى معترك الهدف الذي يريد الانطلاق له. فكل بداية صعبة لأنها تحمل شعور الفرح أو الحزن النجاح أو الفشل، وربما ذلك لا يعني توقف الإنسان وطموحاته عند حد معين لأن فشل البدايات لا يعني عدم تكرار المحاولة للوصول إلى عوالم النجاح والهدف المنشود بالتعب، والهم، والمثابرة، والعرق، والمجهود الكبير؛ لأنها العوامل الأهم لتجاوز مرحلة البدايات!
فكل الأمم السابقة والمعاصرة لم تبنِ حضارتها وفكرها وإنجازاتها إلا بالعمل ونجاح تجربة البدايات؛ لأنها المرحلة المفصلية التي تحدد قيمة الإنسان وقدرته على إعمار الأرض والتطور والابتكار والإبداع والتحدي!!
0