نعلم أن بعض الفنون قد انتهت، وبعضها يعيش في استمرارية ونماء..فالموشحات والمقامات مثلًا لا نكاد نجد لهما وهجًا في زماننا الحاضر كما كانتا في زمانهما ..
والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيؤول فن كتابة المقال للمصير نفسه؟
في ظني لا يصح أن يندثر هذا الفن؛ لأنه ارتبط بحياة الناس وباحتياجاتهم اليومية، فالمقال جزء لا يتجزأ منهم إذ يهتم الكتاب بجوانب الحياة اليومية للإنسان .. يطرقون باب مشكلاتهم، وهمومهم، وإيجابياتهم، وسلبياتهم .. يسلطون الضوء على كل هذه الجوانب يثنون على ما حسن منها .. ويحاولون إصلاح أو إعطاء حلول لما عطب منها ..
والمتلقون يميلون لمن يلمس ويتلمس احتياجات المجتمع ويلقي الضوء عليها .. يميلون لمن يجعلونهم يفكرون فيما حولهم ويستفز عقولهم .. وينير دروبهم؛ لذلك أشك في أن يندثر أو يموت هذا الفن .. ومن محاسن التطور والنماء الذي تعيشه أغلب الدول أن التواصل الاجتماعي لم يقطع هذا الجسر مع الكتاب بل زاد بهم صلة، خاصة مع كان من الكتاب مهتمًا بالظهور .. راغبًا في حياة قلمه وفكره ..ورؤيته للكون وللحياة بكل جوانبها ومحبًا لهذا الفن الكتابي الراقي الذي يصله بجمع من الناس يؤثر فيهم، ويتأثر بهم ..لذا أرى أن المقالة أخذت نصيبًا جيدًا من التطور يُحسب لها ولبعض الصحف الورقية التي أفادت من هذا التطور التكنولوجي بأن تحولت سريعًا لهذا العالم الافتراضي بخطى جميلة لتواكب سرعة الحياة؛ فجاءت هذه المقالات بكل ألوانها عبر الصحف والمجلات الإلكترونية لتغذي نهم القراء في معرفة كل جديد وكل ما من وسعه أن يوسع مداركهم، ويشاركهم جوانب حياتهم وأفكارهم وعلومهم ونشاطاتهم.. جاءت المقالة بقالبها الجديد الذي يتناسب مع هذه الخطى المتسارعة في لغة سلسة في مجملها، وفي صورة تحدد النمط الكتابي والفكري لكاتبها، كما عرفتنا بعدد كبير من الكتاب الذين لولا هذا الانفتاح لما عرفناهم بعد أن كانت المقالة في الصحف الورقية مقصورة على بعض الشخصيات، كما أتاح هذا الانفتاح لرواج المقالة وخاصة ذات الصدى العالي لإعادة تداولها بين كثير من الناس عن طريق إعادة تدويرها عبر تويتر، أو إعطاء علامة الإعجاب، أو التعليق عليها .. أو مشاركتها مع آخرين عبر قنوات التواصل الاجتماعي المتعددة.. لذا سيظل المقال سيد الفنون النثرية الذي لم ينقطع منذ بدايته ولا أظن أنه سينتهي لما لمسناه من حاجة القراء والكتاب معا إليه.. وتظل العبرة في جودته وفكرته وقدرة تناوله بلغة تلفت النظر إليه، وتشد الحواس لإكماله من خلال ذلك الكاتب المبدع..
– الأستاذ المشارك بقسم الأدب – جامعة أم القرى
–
سلم بنانها دكتوره أمل –
فن المقالة مع العالم الافتراضي أصبح أقربُ للمارة بمختلف مستوياتهم الفكرية الثقافية وللقراء الذين ينهمون المعرفة عن طريقها –
المقالة نعم هو فن من المفترض الا يموت لأنه صوتي وصوتك وصوت الشارع الذي يسكنه المجتمع برمته ولا شك في اشتعال محابره التي سلطت ضوئها على أنين السبيل ، وما يشيك المجتمع من آه ونصب –
مقال الدكتوره أمل فاخر قريب من القلب –
شكرا لك أستاذتي الفاضلة عنبر .. أنا منكم وإليكم .. كلماتك وسام وشرف..
طرح ثقافي مستنير؛من أستاذة قديرة؛ لها ثقلها المعرفي ؛دفعتها نباهتها ونظرتها الثاقبة إلى تلمس بعض الهواجس المؤرقة تجاه مآل المقالات في واقعنا الافتراضي ؛وعلى ما اتسمت به من إيجاز-والبلاغة الإيجاز كما قالت العرب قديماً- إلا إنها استطاعت أن تضع النقط على الحروف؛وتبعث على الطمأنينة في بقاء المقالة صامدة ؛وقادرة على التعايش مع متغيرات العصر لما تحظى به من مرونة وسهولة انقياد..
أُعجبت جداً بمقالتك أستاذتنا التي جاءت في وقتها؛وعلى هامشها ومن وحيها انبثقت هذه الكلمة المتفائلة:
كلُّ الفنون الأدبية على اختلاف أجناسها-فيما أرى- باقية ما بقي الإنسان على وجه الأرض؛ وذلك لأنَّ حاجة الإنسان- في أي بقعة من بقاع المعمورة-إلى الإفصاح عما يمور في داخله؛ ويحتدم في أعماقه؛مستمرة؛ودائمة التجدد ؛ومامن قالب موضوعي يستوعب شجون الإنسان وأحلامه؛وهواجسه الوجدانية وتطلعاته المستقبلية غير الفنون من مقالة وقصة وشعر الخ ..
ومما لاخلاف عليه أن الموطن الطبيعي الذي ترعرعت فيه المقالة الأدبية ؛وآتت ثمارها فيه أول مرَّة ؛ذلك الموطن هو (الصحف الورقية) منذ نشوئها محليا ؛عربياً ؛عالمياً ؛ولما تصدرت هذه التكنولوجيا العصرية واقعنا المعاش ؛بدت لنا الصحف الورقية وكأنها في الرمق الأخير ؛وظن بعض الكتاب أمام تقلص نشاطاتها أنها توشك على الانطفاء ؛ قيَّض الله لها أن تتواءم مع هذا الجو الجديد وأن ترتدي أزياء جديدة وفقاً للغة العصر؛فتشكلتْ الصحافة الإلكترونية والمجلات كالفيصل والمجلة العربية وقافلة الزيت؛ أولنقل-بتعبير آخر- أعادت دوزنة أوتارها على نمط جديد في سبيل الاستمرارية؛وإليها هرع المقاليون ومن إليهم لاستثمار مواهبهم؛ ولا أدل على ذلك من صحيفة (مكة الإلكترونية) وقد باتت ملء الأسماع والأبصار..
تحياتي العاطرة لك دكتورة أمل؛وللإعلامي المبدع الأستاذ الأديب عبدالله الزهراني وتفانيه المخلص لصحيفته الغرَّاء؛
وإنه ليسر الخاطر ويثلج الصدر أن تستقطب هذه الصحيفة الرائدة أصحاب الأقلام النابهة من الأكاديميين والأكاديميات ممن هم على صلة وثيقة بلغة الضاد؛والحركة الأدبية والثقافية؛فمن خلال تناولاتهم الثرية نجد أجوبة شافية على بعض الشجون المؤرقة تجاه الفنون وما إليها ؛والله من وراء القصد؛وتقبلوا تحياتي🌷
🌷🌷🌷🌷
لن تموت المقالة هذا ما أراه فنحن في حاجة إليها طالما هناك أقلام تعشق الكتابة وتحب مشاركة الآخرين في كل جوانب حياتهم..
ممتنة لكم أ.محمد على الإطراء والثناء