المقالات

القهوة الإمارتية في قطار الحرمين

لأول مرة أركب على متن قطار الحرمين السريع في الرحلة المتجهة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ومهما أوصف ماشاهدت من جمال في هذه الرحلة الجميلة، لا أستطيع وصفه عبر هذه السطور، فليس من سمع كمن رأى، ولا من قرأ كمن شاهد، هذا ما شعرت به منذ بداية دخولي من بوابة محطة قطار الحرمين السريع بمكة المكرمة.

بداية دخولي كانت من نفق بوابة مواقف السيارات في دور “البدروم” تحت الأرض الذي يتسع لعدد هائل من المواقف المنظمة، والمرقمة، والمزودة باللوحات الإرشادية، وليس ذلك بمستغرب على الخدمات المشرفة، التي تقدمها بلادي الحبيبة في شتى المجالات والمرافق الحكومية.

وقفت السيارة التي أوصلتني مقابل بوابة صالة قطار الحرمين، حيث كان متواجداً حاملي الحقائب مع العربات التي تنقل الحقائب من المواقف إلى باب القطار، وشعرت وقتها وأنا أسير في صالات المحطة، كأني أسير في صالات مطاري الملك عبدالعزيز، والملك خالد الدوليين، وكانت كل مراحل التنقل في الصالات ميسرة ومنظمة بداية من توفر المصاعد والسلالم الكهربائية، وحسن استقبال وتعامل الموظفين، والموظفات، واستخدام التقنية بداية من حجز الرحلة، والمقاعد، والسداد عبر منصة قطار الحرمين، بكل يسر وسهولة، ثم مروراً بموظف محطة القطار الذي مسح باركود التذكرة بواسطة الجهاز، وكذلك تسديد رسوم عربة حمل الحقائب عبر جهاز شبكة السداد البنكي، وحتى حامل الحقائب لم يسمح له بمرور صالة المغادرة، لتوصيل حقائب المسافرين إلى داخل القطار إلا بعد مسح بطاقة العمل الخاصة به، بواسطة جهاز المسح الإلكتروني.

وفي داخل كبينة القطار، كانت المقاعد مريحة جداً، والمكيف بارد، وأماكن حفظ الحقائب العلوية على الجانبين وكافية جداً، وكذلك تتوفر أماكن أرضية داخل الكبينة لحفظ الحقائب الثقيلة ذات الأحجام الكبيرة التي يصعب رفعها إلى الأدراج العليا، أما دورات المياه تماماً مثل دورات مياه الطائرات، بإلإضافة إلى دورة المياه الواسعة والمجهزة بوسائل السلامة، الخاصة بذوي الهمم.

أما عن سرعة القطار والسكة الحديديه، فقد كان فعلاً سريع كما سمي بقطار الحرمين السريع، ورغم السرعة تشعر بثبات القطار، وعندما تحرك القطار من محطة مكة المكرمة، نظرت وقتها إلى لوحة ساعة وخريطة سير رحلة القطار، فكانت في تمام الساعة ١٢:٠٠م وهو الوقت المحدد لتحرك القطار، وقد وصل القطار عند محطة جدة، وهو التوقف الواحد، الذي وقف به القطار وكانت مدته من ٤-٥ دقائق فقط لإنزال وتحميل الركاب، وفعلاً تم الإلتزام بالدقائق المحددة، وقد استغرقت مدة الرحلة من محطة مكة المكرمة إلى محطة جدة ما بين ١٥-٢٠ دقيقة، ومن محطة مكة المكرمة إلى محطة المدينة المنورة ساعتين وربع تقريباً، لم أشعر خلالها بمرور الوقت، ولا بمشقة السفر التي كنت أشعر بها عندما كنت أسافر بالسيارة، لا في الذهاب ولا في العودة، وخاصة أن محطات القطار تقع داخل مدينة مكة المكرمة وداخل مدينة المدينة المنورة.

أما عن مضيفي القطار، فقد كانوا في منتهى الذوق، والأخلاق، والبشاشة، وحسن الترحيب، والضيافة بالقهوة السعودية، والتمر، أما الوجبات الغذائية وما أدراك ما الوجبات الغذائية فقد كانت لذيذة الطعم، وجيدة الحفظ، حيث كان يحتوي صندوق الوجبة على( عدد ٢ من السندويتشات الساخنة، أحدهما محشي باللحم والآخر محشي بالدجاج، وعصير، وقارورة ماء، وكيتكات، ومنديل معطر) مع الشاي والقهوة، كما يوجد سلة نفايات أمام مقعد كل راكب.

وماذا عن القهوة الإماراتية أو الكرم الإماراتي -إن صح التعبير- وما علاقته بقطار الحرمين، فقد كان معنا على متن هذه الرحلة الممتعة، أخوة من أهلنا من دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، وفي منطقة الكراسي العائلية الأربعة المتقابلة التي تتوسط بينهم منضدة ثابتة، مثلها مثل طاولة الطعام التي في المطاعم ذات الأربع كراسي، قام أحد الإخوة الإماراتية، بإعداد القهوة الإماراتية اللذيذة في دلة القهوة الكهربائية الخاصة، التي تم توصيلها بمقبس الكهرباء المتوفر بجوار مقاعد الركاب، ثم قام بتقديم القهوة والتمر لجميع ركاب المقطورة.

وعندما وصل القطار إلى محطة المدينة المنورة كان التوقيت الساعة ٢:٠٥ م، شاهدت من نافذة القطار موظفي حمل الحقائب مع العربات، وموظفي الكراسي المتحركة يصطفون على رصيف المحطة، استعداداً لنزول الركاب، ثم خرجنا من صالة محطة القطار بكل يسر وسهولة وكان طريقنا سالك إلى خارج المحطة دون صعود أو نزول السلالم، وكانت سيارات الأجرة بمقاساتها الصغيرة والكبيرة تصطف أمام بوابة المحطة.

كانت الرحلة من أروع الرحلات والخدمات التي شاهدتها في حياتي، وقد كان لي في السابق خبرة في ركوب القطار في إحدى الدول، ولكن تعنيت عند إدخال الحقائب إلى مقطورة القطار حيث لم يكن متوفر عمال في تلك المحطة لحمل الحقائب ومساعدة المسافرين، وكانت المسافة واسعة ومرتفعة بين رصيف المحطة والمقطورة، لذلك كانت هناك صعوبة في رفع الحقائب إلى داخل المقطورة، أما في قطار الحرمين السريع كانت المسافة بين الرصيف والمقطورة قريبة جداً ومتساوية مع الرصيف، حتى أن كبار السن يستطيعون دخول المقطورة بكل سلاسة وبدون صعود أو هبوط الدرج .

ماذا أقول وماذا أقول عن قطار الحرمين السريع ؟ فالمقام لا يتسع لوصف جميع ما شاهدت من روعة وإبداع، وخدمات وبيئة جاذبة ومريحة، وتنظيم، ومقاهي، ومطاعم، ومحلات تجارية عالمية، ولو لا أني أخشى بذكر أسماء المحلات والعلامات التجارية الشهيرة المتوفرة بمحطة القطار أن أعمل دعاية لهم لما ترددت في ذكر الأسماء.

أما نحن سكان مكة المكرمة، كان قطار الحرمين السريع أفضل لنا من الطائرة، لوجود محطتة في وسط مدينة مكة المكرمة وقريبة أيضاً لضواحيها ولمدينة الطائف وضواحيها، وأما المطار يوجد في مدينة جدة التي تبعد مسافة ١٠٠ كيلومتر عن مدينة مكة المكرمة وتبعد مسافة ٢٠٠ كيلومتر عن مدينة الطائف، لذلك القطار أفضل من المطار لأنه لا يحملنا مشاق السفر بالسيارة إلى مطار جدة ، وهذه دعاية مجانية مني لصالح قطار الحرمين السريع.

هنيئاً لكل سعودي وسعودية، ولضيوف الرحمن من المعتمرين والحجاج، ولكل سائح، وزائر، للمملكة العربية السعودية، على الجودة النوعية، وعلى خدمات الخمس نجوم المقدمة في محطات وقطار الحرمين السريع.

– مستشار أسري واجتماعي
بمستشفى الملك فيصل بمكة المكرمة
– ماجستير خدمة اجتماعية

للتواصل مع الكاتب
Abdulrahmanhjan@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى