المقالات

الشمس تبزغ من الشرق؟

كلمة مكة

لماذا انزعجت أمريكا من قرار السعودية ضمن مجموعة أوبك بلس خفض إنتاجها من البترول بمقدار مليوني برميل يوميًا؟ السعودية بما تمثله من ثقل سياسي واقتصادي، وزعامتها للعالمين العربي والإسلامي، وما لديها من حضور وتأثير إقليمي ودولي، والأهم كحليف استراتيجي للولايات المتحدة يؤرِّق واشنطن خسارتها.
سبق أن حذر هنري كسينجر مما وصفه بتحول مركز ثقل الثروة شرقًا؛ وبعدها وقعت الأزمة العالمية في الربع الأخير من عام 2008؛ وحتى اليوم لا نعرف شيئًا عن أسبابها الحقيقية؟! وعلى ما يبدو تتحقق نبوءة كسينجر بما يعني ذلك خروج صناعة القرار العالمي من وطأة الهيمنة الأمريكية، وما يمثله ذلك من مردود سلبي على اقتصادها ونفوذها وتأثيرها الذي يرتكز على نظام عالمي أسسه المنتصرون بزعامة أمريكا في الحرب العالمية الثانية بما يضمن لهم القوة والزعامة والاستئثار بالقرار الدولي!
ومع تدحرج كرة الثلج يتعمق الهاجس من فقدان حليف بحجم المملكة لصالح المعسكر الشرقي الذي بدأ يتشكل؛ ليضم تكتلات اقتصادية وسياسية وتتزعمه مجموعة دول في مقدمتها روسيا والصين العدوتان اللدودتان تاريخيًا وأيديولجيًا لأمريكا!
انفراط عقد النظام العالمي الذي استعصى على التطوير والإصلاح مسألة وقت وهذا ما تدركه أمريكا، وهي اليوم تقف في وجه تيار التغيير لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء رغم أنها تدرك بغض العالم لسياستها البرجماتية، وتدخلها في سيادة الدول.
لم تعد السيدة العجوز بتلك الأهمية التي بدأت تتراجع عالميًا وإقليميًا، وصادف ذلك تولي قيادة شابة في المملكة ووصولها لقمة هرم السلطة، قادرة على صناعة التغيير الاستراتيجي، ولاقى هذا الموقف استحسانًا عربيًا ودوليًا، وقد رأينا مسارعة جامعة الدول العربية ومصر والإمارات وتونس والعراق وغيرهم في دعم موقف المملكة، وحقها في الحفاظ على سعر عادل للنفط يخدم مصالح المصدرين والمستهلكين.
السعودية لا تبادر إلى التخلي عن أحد من حلفائها أو أصدقائها؛ لكنها في ذات الوقت لا تساوم على أمنها الوطني ومصالحها، فضلًا عن أنها لا تقبل بالضغوط للقيام بدور الآخرين بالوكالة عنهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى