على وجه الدقة وبالتحديد ما قام به ألبرت أينشتاين قد أحدث في عالم الفيزياء وتصوراتنا تغييرًا جذريًا في تلك التصورات المتعلقة بالرياضيات البحتة منها النسبية بتفسيراتها التي لا حصر لها. فقد يجد البعض الكون مقلوبًا ولا يعرف الدوام، والنجوم والكواكب فيه تغدو وتذهب وتتلاشى ولا يبقى شيء في مركز ثابت لأي شيء. وهذا ما يقودنا للثبات المقارن. إذ لو أننا لم نكن بالحجم الذي نحن عليه اليوم وما نعيشه على كوكب الأرض، لما وجدنا أن النسبية مرضية لنا من الناحية العقلية. ولما توصل الإنسان إلى النسبية من حسن حظنا. ولأصبح من الصعب ومن دون هذه النظرية والعبقرية غير العادية اكتشاف الفيزياء في عالم يبدو التدفق فيه شاملًا وواضحًا للملاحظة غير العلمية.
كل شيء نسبي لمشاهدة معينة، وهذا ليس ما هو عليه وتم إثباته في نظرية النسبية. إذ يتخيل البعض أنها تثبت أن كل شيء نسبي، وتستبعد النظرية كل ما هو نسبي والوصول إلى صيغة رياضية من القوانين الفيزيائية التي لا تعتمد بأي حال من الأحوال على الملاحظة أو المشاهدة. بينما أن الإدراك الحسي يمنح المعرفة. فعلى سبيل المثال، كسوف الشمس. يمكن أن يشاهد كسوف الشمس في ظل ظروف معينة. كذلك وعلى سبيل المثال، حين ينطلق (مدفع رمضان)، فإن الأشخاص الذين ليسوا على مقربة منه يرون الوميض قبل أن يسمعوا صوته. وذلك ليس لعيب ما في حواسهم، وإنما وفي الحقيقة أن الصوت ينطلق إبطاء من الضوء. إذ يقطع الضوء ثلاثمائة ألف كيلو متر وهو ينتقل من الشمس إلى الأرض في ثماني دقائق. كذلك في مبدأ الصدى، إذ نستطيع أن نرسل شعاعًا إلى مرايا، ونقيس الوقت المستغرق في وصوله وارتداده إلينا بعد انعكاسه. ويستخدم نفس المبدأ في الرادار مع الموجات اللاسلكية، لكنه نفس المبدأ الكامن وراء ظاهرة الصدى.
وأما فيما يتعلق بالسرعة، فإن الكواكب تسير ببطء بينما الشهب تسير أسرع منها، ولكن القطار السريع على الأرض يسير بسرعة أسرع. فسرعة الأجسام المتحركة محل اهتمام العلماء حتى أصبح اليوم من الممكن مشاهدة حركة أجزاء الذرة، وتلك الجسيمات التي تتحرك بسرعة الضوء. فدراسة الكواكب والنجوم، كانت بداية اكتشاف الأشعة الكونية وبناء الآلات الخاصة بتوليد الطاقة ذات السرعة العالية. ومع ذلك فإنه حينما تصبح الأفكار في مؤلفات ألبرت أينشتاين مألوفة تمامًا كما أصبحت مألوفة وتلقن في مؤسسات التعليم، فإن تغيرات معينة في عاداتنا الفكرية سوف تنتج عن ذلك. وسيكون لها أهمية عظمى على المدى الطويل.
إن مجموعة الحوادث أو الظواهر المرتبطة يمكن أن يتم تكوينها؛ بحيث تكون جميعها متعلقة ببعضها البعض ومرتبطة حول الزمان والمكان. لكننا لسنا بحاجة لافتراض أننا نعلم ما يحدث هناك (الزمان والمكان) موضوع ارتباط مجموعة الظواهر أو الحوادث. كالدوائر التي تتسع في بحيرة ما حين يٌلامس سطحها جسم ما خفيف الوزن. إذ إنه من السهل جدًا كتابة القوانين التي تستنتج أسباب هذا الاضطراب علمًا بأنها ظاهرة علمية. لذلك أصبح من الضروري علينا اليوم أن نعود للفطرة السليمة، وليس للاستعمال المزدوج للافتراضات.
—————-
@ALDrSalman
نقلنا هذا اليوم سعادة الدكتور سلمان بن زايد الحارثي، في مقالته الجديدة عن “ابجديات النسبية ” حيث استعرض جوانب علمية مهمة وضعها العالم الفيزيائي ألبرت انشتاين، عن ما يعرف بالنظرية النسبية، وهي تفسر حركة وسرعة إنتقال الأجسام بين الحقيقة العلمية والإحساس العقلي، وقد ابدع وأجاد سعادته في التوضيح وفقه الله وسدد خطاه .