يلمس المتتبع لاتجاهات تعليم وتعلم التفكير الناقد إلى أن أنصار هذا النوع من التفكير قد صاروا في اتجاهين رئيسيين لتعليم وتعلم التفكير الناقد؛ إذ برز الاتجاه الأول الذي يركز على تعليم التفكير الناقد من خلال محتوى المادة الدراسية (عملية التجسير)؛ فيما نادى الاتجاه الثاني بالتركيز على تعلم التفكير الناقد كمهارة مستقلة بذاتها، وفيما يلي توضح بهذين الاتجاهين.
الاتجاه الأول: تعليم وتعلم التفكير الناقد من خلال المادة الدراسية
يرى أصحاب هذا الاتجاه ويتزعمهم كل من:(Norris,Nicoll,Lee، Ennise، Smit) أهمية تعليم التفكير الناقد من خلال المواد الدراسية المختلفة؛ بحيث تدمج مهارات التفكير الناقد في المحتوى التعليمي -التعليمي للمادة الدراسية بل أكدوا أيضًا على ضرورة أن يتضمن المناهج أصلًا مهارات تفكير الناقد ابتداءً من مناهج رياض الأطفال، ويدافع أنصار هذا الاتجاه عن وجهة نظريهم من خلال الميزات الآتية:
1- تسهم مهارات التفكير الناقد المتضمنة في المنهج المدرسي في مساعدة الطلبة على التغلب على الصعوبات الأساسية في التعلم المدرسي؛ وخاصة مهارات القراءة والكتابة والرياضيات، وغيرها من المواد الدراسية.
2- تكسب الطلبة فهم أعمق للمحتوى التعليمي- التعليمي بما يتضمنه من مفاهيم وحقائق ومبادئ مما يزيد من ارتباط المواد الدراسية بوظائف حياتهم اليومية، وبالتالي يجعل من مادة التعلم والمادة الدراسية بشكل عام مادة ممتعة.
3- تحفز الطلبة على توظيف عمليات التفكير المتنوعة؛ بغية الوصول إلى الفهم الصحيح، ومن ثم اتخاذ القرارات المناسبة والصحيحة .
الاتجاه الثاني: تعليم التفكير الناقد كمادة مستقلة بذاتها
يؤمن أصحاب هذا الاتجاه من أمثال:(Clary,Shepherd,Antepohl)
بتعليم التذكير الناقد من خلال بناء البرامج التعليمية – التعليمية المنفصلة عن محتواه المواد الدراسية والتي يتم بناؤها من خلال خبير مختص ببناء هذه البرامج؛ بحيث تشمل هذه البرامج على مهارات التفكير الناقد بمعزل عن المواد الدراسية، ويقوم بتنفيذ هذه البرامج معلم مؤهل لتعليم مهارات التفكير الناقد.
ويرى منظرو هذا الاتجاه أن الارتقاء بمستوى تفكير الطلبة يتعدى قضية التحصيل الدراسي لاكتساب مهارات التفكير الناقد، ومما لا شك فيه أن هذا الاتجاه يجعل من مهارات التفكير الناقد البؤرة الأساسية في العملية التعليمية – التعليمية وليس المحتوى الدراسي .
ويدافع أصحاب هذا الاتجاه عن رؤيتهم هذه من خلال النقاط الآتية:
1. يتحدد المحتوى التعليمي – التعليمي بزمن يجب إنجازه من خلال الزمن المحدد؛ وذلك أن تعليم التفكير الناقد يستند أساسًا إلى إشباع الموضوع الدراسي قيد البحث مع الأخذ بعين الاعتبار وجهات النظر المتباينة؛ لتكوين وجهة نظر خاصة بالفرد من هذا المنطلق فإن الزمن سيعمل على تقييد المشارك في تنفيذ تعليم وتعلم مهارات التفكير الناقد بالمستوى المطلوب من خلال المواد الدراسية المختلفة.
2. إن العمل على تعليم مهارات التفكير كمادة مستقلة يزيد من دافعية الطلبة من خلال إدراكه من الموضوع الذي يدرسونه.
3. في كثير من الأحيان قد لا يتوافر مدرس يحسن تعليم مهارات التفكير الناقد من خلال المواد الدراسية، وبالتالي تعليم التفكير كمادة مستقلة قد يكون أجدى.
إن التعليم وتعلم التفكير الناقد سواء من خلال الاتجاه الأول أو الاتجاه الثاني في المؤسسات التربوية وغيرها من المؤسسات يتوقف إلى حد كبير على مجموعة من المعايير التي تؤخذ بعين الاعتبار عند التقرير أي الاتجاهين يكونون أكثر ملائمة في الإمكانيات المادية والفنية تلعب دورًا مهمًا في هذا الشأن؛ إضافة إلى أن مدى إيمان إدارة المؤسسة التربوية بأحد الاتجاهين يُشكل بعدًا أساسيًا في تقرير أي الاتجاهين أجدى، ومهما يكن من أمر فإن تعليم التفكير بأحد الأسلوبين يكون قرارًا حكيمًا.