إنّ تطهير مرافق الدولة من الأيدي العابثة، والضمائر الخائنة، والقلوب الحاقدة والناقمة لوحدة واستقرار ونماء هذا الوطن المعطاء؛ بات أمرًا مُلحًا، وضرورة تقتضيها خصوصية ومكانة هذه البلاد المباركة كونها قبلة المسلمين، ومحط أنظار العالم أجمع؛ حيث أدركت قيادتنا الرشيدة خطورة الفساد كعائق من عوائق التنمية، وسبب من أسباب تبديد المال العام، وزعزعة أمن واستقرار ورخاء وطننا الغالي؛ فضربت بيدٍ من حديد على يد كل خائن لدينه، ووطنه، وولاة أمره؛ للانطلاق نحو التطوير، والبناء، والإنتاج بعيدًا عن أطماع تلك الأنفس الآثمة التي لم يردعها دين، أو خُلق، أو خوف من الله تعالى.
وتظل هذه البلاد المباركة محفوظة بحفظ الله تعالى لها؛ فقد جعل بيته الحرام مثابة للناس وأمنًا، وضمن له الحماية من عبث العابثين، وأطماع الخائنين، وفساد المفسدين مهما كانت سلطتهم، ونفوذهم، وقوتهم، قال تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ).
ولا يخفى على كل ذي لُب أن فساد الأخلاق سبب كل فساد، وعليه تترتب جميع المفاسد، فعندما يضعف الوازع الديني في قلب الإنسان؛ فإنه يتجرد من كل القيم والمثل التي حث عليها الإسلام، ويصبح معول هدم لا بناء لدينه ووطنه ومجتمعه، وما أصدق قول أحمد شوقي !
“وإذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتماً وعويلا “
ومتى ما أردنا مواجهة ذاك الداء العضال والقضاء عليه في مهده؛ فإنه يتوجب على جميع مؤسسات المجتمع الاهتمام بتربية النشء تربية إسلامية صحيحة وفق ما أقرته السياسة العامة للتعليم في هذه البلاد المباركة والمنبثقة من مصادر التشريع الإسلامي التي قامت عليها هذه البلاد، والتي نستقي منها قيمنا وأخلاقنا وجميع تعاملاتنا، والتي تكفل لنا النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى.
ولتحقيق هذا الهدف السامي فإنه ينبغي الاهتمام بالتربية بدءًا من الأُسرة التي تعتبر اللبنة الأساسية في بناء وتطور هذا الوطن المعطاء، والمحضن الأول والمنطلق الحقيقي لإعداد جيل صالح مؤمن بربه، ومتبع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومتمسك بتعاليم الدين الحنيف قولًا وعملًا، وهذا يتطلب وجود القدوة الحسنة في الأسرة حتى ينشأ جيل صالح في نفسه، ومصلح لغيره يتفانى في خدمة دينه ووطنه وولاة أمره، ويسهم في دفع عجلة التنمية وتحقيق طموحات القيادة الرشيدة.
وتعتبر المدرسة المحضن الثاني في استكمال التنشئة الصالحة للشباب من خلال المنهج المدرسي بمفهومه الحديث والذي يشمل جميع ما تقدمه المدرسة للطالب والطالبة من المقررات الدراسية، والبرامج والأنشطة التربوية، والفعاليات المختلفة، والبيئة الجاذبة التي تتيح لهم التعلم الإيجابي من حيث إكسابهم المعارف والمهارات لصقل مواهبهم، وتنمية مهاراتهم وقدراتهم وفق منهجية علمية تحقق الآمال والتطلعات التي يسعى لتحقيقها ولاة الأمر من خلال رؤية المملكة ٢٠٣٠م.
وعندما يصل الشاب إلى هذا الوعي، وينتقل إلى المرحلة الأكثر نضجًا، وهي المرحلة الجامعية بما تمتلكه من الإمكانات المختلفة والتي تسهم في إعداد الشباب إعدادًا متكاملًا في جميع جوانب النمو، وتوجيههم لسوق العمل حسب ميولهم ورغباتهم حتى يصبحوا أفردًا منتجين يخدمون دينهم ووطنهم ومجتمعهم بكل ما يمتلكون من خبرات ومعارف في كافة المجالات، حينها يصل المجتمع إلى درجة عالية من الوعي بأهمية التربية، وسبل تحقيقها على الوجه الأكمل والأمثل بعد توفيق الله تعالى.
ولا شك أن التكامل بين هذه المؤسسات يُعد مطلبًا مُلحًا يستوجب العمل بروح الفريق الواحد للأخذ بأيدي شبابنا إلى منصات التتويج ليصبحوا عناصر صالحة تسهم في بناء وتطور وتقدم هذا الوطن المعطاء في ظل قادته الأوفياء.
مقال جميل من رجل جميل وفقك الله بتوفيقه يا دكتور فايز. كلمات ابداعيه في النصح والتوعيه حفظك الله بحفظه.