لو قيل لك: إن فلانًا من الناس، هو من فئة “ثقيلي الدم”، فما هي ردة فعلك السريعة والعفوية؟ .. أكاد أجزم أنك ستنكمش وتحوقل، وتدعو الله ألا يجعل لك طريقًا إليه وإلى أمثاله.
.
والواقع أن أحدنا لا يدري لماذا (يصرّ) عدد من الناس على أن يظل “ثقيل دم” و”نكدي” .. فالسنوات تنسحب من أمام أولئك بطولها وعرضها، فيما هم على طبيعتهم تلك، لا يكاد أحدهم يرضى بغير ذلك السلوك بديلًا.
.
نعم، هناك من استطاع أن يطوّر من مهاراته الذاتية، وأن يرفع من جمال أسلوب تعامله، من خلال الارتقاء في سلالم التعليم، أو من عبر الاحتكاك بنوعيات من البشر من ذوي السلوكيات الراقية فاستفاد منهم، أو من خلال موقف معين أو عدة مواقف حياتية، كانت له عظة ودرسًا، فآمنوا بعدها أن “ثقالة الدم” و”النكدية” لا تؤكل خبزًا، ولا تبني مجدًا.
.
لكن الصحيح أيضًا ان ثمة فئة أخرى مازالت “مكانك سر” فلم تفلح معهم كل الظروف ولا النصائح ولا نظرات السخط والاستهجان التي تُقابل بها طباعهم وأخلاقياتهم الرديئة تلك .. وكأنهم (خُشبٌ مُسنَّدة) وليسوا لحمًا ودمًا، يتأثر وينفعل، وبالتالي يراجع حساباته .. وما أجمل قول الشاعر:
(أنت يا هذا ثقيل وثقيل وثقيل …. أنت في الصورة إنسان وفي الواقع فيل)
..
ونستدرك فنقول: إن بعض الناس “البدناء” نجدهم أخف دمًا من بعض “النحفاء” .. ذلك لأن المسألة ليست مسألة جسم، وإنما هي مسألة طباع، والحياة والواقع يؤكدان ذلك تمامًا.
.
ويظل من سوء الطالع بالنسبة لك عندما يقابلك واحد من أولئك الثقلاء، عند مراجعتك لمرفق رسمي أو لمؤسسة أهلية، عندها لا بد وأن تتجرع من “كأسه الثقيلة”، وأن ترتشف من “معينه النكدي” ما شاء الله لك أن ترتشف، وكان الله في عونك.
.
ويبقى المطلوب من القياديين في المرافق والمؤسسات – وهذا اقتراح مني – أن يتلمسوا أمثال هذا الصنف من الموظفين، ثم يجعلونهم ينخرطون في دورات تخصصية في (فن التعامل مع الجمهور) على أن تكون دورات الزامية.
.
وتظل الكارثة – في حقيقة الأمر – ألا يحرك الهرم الإداري ساكنًا؛ بحيث يعطي الفرصة – من حيث يدري ولا يدري – لأولئك لكي يسرحوا ويمرحوا، بل ويتكاثروا وبالتالي يسجل الواحد منهم واجهة غير مشرقة للقطاع الذي يعمل به، بل وخسارة فادحة له أيضًا.
.
ثم إنه من الناحية الصحية فإن الناس الذين يتحلون بالابتسامة هم أكثر نجاة – بإرادة الله – من أمراض القلب والسكري والقولون .. كما أن الإنسان “النكدي” هو أكثر الناس ضجرًا من زملائه وجيرانه وزوجته وأولاده، وربما حتى من نفسه، ومن الحياة برمتها.
.
أخيرًا … أقول: يا ثقل الدم – اشرب عصير … ؟
وهذه الوصفة من (كيسي) .. لعل ثقالة دمه تخف قليلًا.
0