المقالات

الصالونات الأدبية أم المقاهي الثقافية !؟!

دعونا نستعرض حالة الأندية الأدبية ولو باختصار بسيط من الكلام الذي يقل وليس بالضرورة أن يدل فالأندية الأدبية اليوم تعيش حالة من البؤس الثقافي لأسباب بعضها معروف والبعض تدور مطاحنه خلف كواليس التحولات التي رجحت كفة الفنون على كفة الأنساق الأدبية التي كانت غذاء الروح بالنسبة لتكوين وأهداف هذه الأندية التي تنازعت مسمياتها بحسب مكانها وتاريخ تأسيسها بين أدبية ثقافية وبين أدبية وكتب عن هذا النزاع الحميمي حتى استقرت تسميتها فجمعت بين الثقافة في اتساع محيطها وبين الأدب في نقطة انطلاقاته المتخصصة في الإبداع شعرا وقصة ورواية وربما دراسات ذات علاقة بهذه الأنساق وكانت الفنون من اختصاص جمعيات الثقافة والفنون نظاما ولوائح وتنفيذا إلا أن بعض الجمعيات أحبب المسؤولون عنها بأن يساهموا في مجالات الأدب معتبرين ذلك جزءا من الثقافة وأقيمت بعض النشاطات التي لم تؤثر على نشاطات الأندية الأدبية ولم يكن هناك شركاء متشاكسون بقدر ما كانت الأمور تسير بهدوء وسكينة في تكاملية ينشدها أطياف الثقافة بوجه عام دون تفسيرات من أي جانب من المريدين لهذه القنوات .

أعود لموضوع العنوان فمن خلال ما مضى وما هو عليه الحال أتذكر بأن أحد الزملاء في الباحة وهو من المثقفين البارزين في المنطقة لن أذكر اسمه لعدم استئذاني منه أراد قبل قرابة العقدين من الزمن إنشاء صالون أدبي في بيته وما أن بدأ افتتاحه مات في مهده بسبب بعض العراقيل التي ربما يعلمها هو ويجهلها الآخرون المتعطشون لوجود صالون أدبي يقف جنبا إلى جنب مع أدبي الباحة وجمعيتها الثقافية على غرار الصالونات الأدبية في أمهات المدن إلا أن تلك الخطوة لم تستمر بل لم تبدأ إلا ساعات ربما وحتى تأريخه لم تر النور لا من صاحب المبادرة هذه ولا من غيره رغم ما يحيط بها من خسائر مادية وتفرغ وجهود قد يشترك فيها القاصي والداني ممن حول صاحب هذا الصالون ولم تعاد التجربة حتى الآن واكتفى المثقفون بما يقيمه النادي الأدبي وهو مكان وبيت الخبرة الطبيعي الرسمي لإقامة هذه النشاطات .

لا نستطيع القول بأن الأندية الأدبية توقفت عن ركضها ولكن ربما تمر بفترة ركود قد يأتي اليوم الذي تصدر فيه الوزارة المعنية بالثقافة قرارا بتلبية ما كتب عنها الكثير بأن تنشأ في كل منطقة أو محافظة بها ناد أدبي وجمعية للثقافة مراكز ثقافية تجمع بين كل ما يندرج من نشاطات أدبية وفنية وثقافية تحت قبة واحدة واعتقد أن نادي الباحة الأدبي لديه قدرة على استيعاب هذه الفنون السبعة وحتى الثامن منها بحكم ما يتمتع به من تصاميم وبنية تحتية في مبانيه التي أنشأتها عظما إدارته الحالية برئاسة الصديق الشاعر حسن الزهراني التي كنا والزملاء أعضاء مجلس إدارته جزءا منها وحيث تم تشييد جميع هذه المباني وقاعتها الكبرى ” قاعة الشيخ سعيد العنقري الثقافية ” ومرافقها العامة من قبل الداعم الوحيد الشيخ سعيد العنقري واليوم أصبحت تشكل معلما حضاريا ثقافيا أدبيا في قمة تشرف على الباحة وضواحيها وبهذا هل ترى أن تحويل هذه المنشآت لمركز ثقافي أصبح ضرورة بعد أن شهدت الثقافة والأدب والفنون تحولات كبيرة في السنوات الأخيرة ؟ ويبقى السؤال معلقا مفاده : هل هناك ضرورة لوجود صالونات أدبية ؟ وهل للمقاهي ضرورة للمساهمة باحتضان أمسيات ثقافية تساهم في نشر الثقافة بين الجمهور بشكل عام ومرتاديها على وجه الخصوص ؟ أم يكتفى بالنادي الأدبي وجمعية الثقافة والفنون كجهات رسمية ؟ وقد تكون منطقة الباحة في هذا الشأن حالة خاصة في عدم وجود صالونات أدبية ولم أسمع بالمقاهي الثقافية في مناطق أو مدن أو محافظات أخرى ولا تفسير لهذا التحول عندي .

في الأسبوع الفارط دعيت لحضور أمسية شعرية للصديق الزميل الشاعر عبد الرحمن سابي أقيمت في مقهى ثقافي تحت مسمى ” الشريك الأدبي ” لصاحبه الصديق ابن الصديق عبد الرحمن مهدي صاحب العلاقة الوطيدة مع السياحة بالباحة وكانت الأمسية ذات طابع غير مسبوق لعلاقة نصوصها الشعرية بالصوفية بل كانت متميزة في الحضور من المثقفات والمثقفين وكرموني بأن أقدم الدرع التذكاري التكريمي للشاعر لحسن ظنهم بشخصي المتواضع وتذكرت أن مقهى المساء لصاحبه الصديق محمد ناحي في الجهة المقابلة قد احتضن بعض المناشط الثقافية واستضاف ضيوف النادي الأدبي ذات ليلة وكان الحضور بهيا والضيوف على مستوى عربي واليوم ذهبت ذاكرتي لذلك الصالون الأدبي الذي لو تم تفعيله لكان لبنة في جدار ثقافة الباحة ومثقفيها وهنا أود طرح السؤال الذي تسنم مقالي به : هل أنت مع بقاء النادي الأدبي منارة للثقافة والأدب والإبداع أم ترى أن وجود صالون أدبي – في ظل الانفجار المعرفي والتوسع الثقافي في عصر التواصل وتقنيات الاتصال – من محفزات الثقافة وهل ترى أن وجود المقاهي الثقافية يشجع ويساهم في نشر الثقافة الموجهة أم ترى أن وجود مراكز ثقافية سيجعل من كل ما سبق في هامش هذه المراكز بما يجب أن تكون عليه من دعم واستقطاب كفاءات ومواهب وأنها ستكون بمثابة سوق ثقافية حرة تجمع ولا تفرق تتيح الفرصة للكثير بعيدا عن الإقصاء الزمكاني .

انعطاف قلم :

رغم كل الظروف يظل النادي الأدبي بالباحة متميزا في عطائه ونشاطاته عن بعد لظروف الجائحة أو عن قرب كما كان في سنوات خلت شهدت برامج وأيام ومهرجانات عربية ومحلية وتظل الباحة متميزة في ثرائها الثقافي وكرم أهلها ومبادراتهم نحو تفعيل برامجها كوجهة سياحية باعتبارها واسطة عقد المصائف .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى