تكثر التبرعات الخيرية، والأعمال الإنسانية في العالم أجمع وتختلف وتتنوع المقاصد والأسباب في تقديمها للمحتاجين سواء عبر المنظمات أو المؤسسات أو الأشخاص ولكن بفضل الله تعالى تتضح بصورة جلية لدى الإنسان المسلم في إبراز المقاصد العظيمة من تقديم هذه الصدقات لمحتاجيها والفوائد المرجوة وفقاً للمعتقدات الشرعية ومنها: أنها تدفع البلاء عن المتصدق ومن يعول من أسرته، وتمنع ميتة السوء، وأنها إزالة للخطايا، وتطهير من الذنوب، وتهذيب للأخلاق، والصدقة تضاعف المال وتباركه وتنميه، وهي الطريق الموصلة لرحمته سبحانه، والمبعدة عن سخطه أيضاً، وهي دليل على صدق إيمان العبد، وهي سبب في بسط الرزق ونزول الأمطار بإذن الله، وفي يوم القيامة يكون المتصدق في ظل العرش قال رسول الله صلى الله عليه: “كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس” أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وغيرها من الفوائد الدينية الجمة.
وتتزايد ولله الحمد التبرعات الخيرية من أفراد ومؤسسات المجتمع في هذه البلاد المباركة في كل الأوقات وخاصة في شهر رمضان المبارك وفي موسم الحج. وعلى سبيل المثال تُقدم وجبة إفطار صائم في شهر رمضان بإعداد كبيرة؛ لما لتفطير الصائم من أجر عظيم وتوزع عبر الجمعيات الخيرية أو مراكز الأحياء، وغيرهما ويقوم بها أفراد معروفين وعلى قدر عالٍ من المسؤولية والكفاءة والثقة لدى الجمعيات أو المراكز وهم يقومون بالمهام من باب التطوع؛ لكسب الأجر. ومن تجربة شخصية في رمضان العام الماضي يتم تسليم كل شخص متطوع مجموعة من الوجبات الغذائية؛ لتوزيعها على المحتاجين ولا يعيب هذا العمل المُشرف سوى أخذ صور للمحتاجين؛ للتوثيق من أجل بعثها للمسؤليين ومن ثم تبعث للمتبرعين وهو مايقع المتطوع في حرج لا يعلم به إلا الله فهي في واقع الأمر كسر لكرامة المحتاج حتى وإن لم يظهر في الصورة إلا يديه فهو تصرف في كل الأحوال محرج مرهق.
إن من المأمول من الإخوة المتبرعين سواء أفرادا أومؤسسات العمل على إيجاد طريقة أخرى تطالب به الجهات المجتمعية المتعاونة غير التصوير؛ للتوثيق في إثبات وصول الوجبات الغذائية للمحتاجين فهم قبل كل شيء في تجارة مباركة رابحة مع الله كُتبت حسناتها لا يضرهم من خذلهم حتى ولو لم تصل إلي محتاجيها فعلاً وفي أسوأ الظروف طالما أن النية خالصة لوجه الله تعالى، وقد يكون من وجهة نظرهم أنها تضمن قطع الطريق على المحتالين وهذا ليس بالأمر المجدي فالمحتالون لهم ألف طريقة وطريقة في الاحتيال والنصب.. والوجبات هذه في الأول والأخير ماهي إلا وسيلة مؤقتة؛ لإسكات الجوع المؤلم وليست وسيلة دائمة للثراء الفاحش، والأهم من ذلك كله أن الكوادر البشرية المختارة من المتطوعين هم من النماذج المتميزة ويعملون بإتقان ويجيدون التمييز بين المحتاج والمحتال. فهل نجد طريقة أخرى لدى جانب المتبرعين غير التصوير يطالبون بها الجهات المتعاونة؛ لإثبات وصول الوجبات الغذائية تبعد عن المتطوع الحرج وتحفظ للمحتاج كرامته؟
همسة:
إن حب عمل الخير والسعي إليه، وتقديم المعروف للآخرين من السمو الإنساني الرفيع. وهذا السمو الأخلاقي الجميل إذا ظهر في أفضل صورة، وأطيب حال للمحتاجين، وبدون أدنى منة أو أذى فبلا شك بعد توفيق الله وصل لأقصى غايته السامية. فالأمل كل الأمل ألا يخدش هذا الفعل النبيل بسوء ظن أو ذل على كل متلقيه والله سبحانه يحب المحسنين.