مع أن الجِمال مخلوقات ربانية عظيمة وثروة وطنية تاريخية منذ زمن الآباء والأجداد، ومع أنها تعد مكسبًا لملاكها من خلال ما تمثله لهم من مصدر رزق يصل بصاحبها إلى درجة الثراء الفاحش. والوجاهة الاجتماعية خاصة أولئك الذين يشاركون بها في السباقات السنوية للمزايين داخل المملكة وخارجها، إلا أن ظاهرة الجِمال السائبة على الطرق الرئسية والفرعية باتت من الظواهر السلبية، التي تتفاقم خطورتها يومًا بعد يوم ويتداول الناس في مجالسهم قصص حوادثها الخطيرة؛ نظرًا لما تسببه من مخاطر جسيمة لمرتادي تلك الطرقات، وحوادث مروعة قتل فيها العديد من الأبرياء الذين ذهبوا ضحايا لتلك الجمال فلا يكاد يمر يوم إلا ونشاهد أو نسمع عن حادثٍ مأساوي بسبب جمل سائب ليس له ذنب إلا أن صاحبه أهمل رعايته وتركه يعبر الطريق؛ ليكون أداة قتل تزهق الأرواح !
ومن هذا المنطلق المأساوي؛ فإن ظاهرة “الجمال السائبة” باتت تشكّل خطرًا كبيرًا على سالكي الطرق لما تسببه من خسائر في الأرواح والممتلكات، حيث فُجعت الكثير من الأسر بتعرض أفرادها لحوادث كارثية بسبب تلك الجمال السائبة التي حصدت أرواح الكبار والصغار كان آخرها ذلك الحادث المأساوي الذي ذهب ضحيته خمسة شباب في مقتبل عمرهم فقد ذهبوا ضحية لجمل سائب في أحد الطرق المؤدية إلى محافظة الأفلاج؛ حيث احترقت بهم مركبتهم إثر اصطدامها بذلك الجمل الذي قطع عليهم الطريق فقطع كل آمالهم في الحياة، وخلفوا الآلام لذويهم من بعدهم؟!
وعطفًا على ما سبق ومع استمرار وقوع مثل هذه الحوادث المميتة للبشر؛ فإنه أصبح من الضروري وضع حلول عاجلة من قبل الجهات المعنية بسلامة الطرق ومرتاديها، خاصة وأننا ندرك أن معظم الطرق التي تعبر من خلالها في غالبية المناطق والمحافظات مفتوحة بلا حواجز حديدية ولا إنارة واضحة تحد من حوادث تلك الدواب السائبة خاصة في الليل، وأهم تلك الحلول التي يجب أن تطبق بشكل عاجل تتمثل في تخصيص مواقع للرعي ومخالفة كل من يخرج عن نطاقها بمصادرة جماله وبيعها في مزاد علني، وكذلك عمل حواجز حديدية لكل الطرق الرئسية والفرعية حتى لا تستطيع الجمال الدخول إليها حفاظًا على سلامة السائقين، وأيضًا إذا أمكن إلزام ملاك الإبل بتركيب أحزمة فسفورية تحتوي على أنوار تعمل بالطاقة الشمسية لتبعث إشارات تحذيرية لقائدي المركبات خاصة في الليل، حتى يتمكنوا من رؤيتها من مسافات بعيدة؛ ليتفادوا الاصطدام بها، وكذلك تسجيل أسماء مالكي الإبل والنوع والعدد وصرف أرقام موحدة تميزها عن بقية الحيوانات، فإذا تسبب ذلك الجمل في أي حادث لا قدر الله؛ فإن رقمه يدل عليه، ويمكن الوصول إلى مالكه بكل يسر وسهولة لتطبيق الأنظمة عليه.
وختام القول.. فنحن لسنا ضد أصحاب تربية الجمال، ولسنا ضد القوانين التي تدل على الرفق بالحيوان، إلا أن قلوبنا تعتصر ألمًا كلما سمعنا أو قرأنا عن تلك الحوادث المأساوية التي يذهب ضحيتها الكثير من الناس بسبب تلك الجمال السائبة، التي رملت النساء ويتمت الأطفال وأغلقت بيوت بأكملها، بإلاضافة إلى حدوث أضرار بالغة في الممتلكات وإلى أن توجد الحلول فإنه يبقى من حقنا أن نتساءل إلى متى سيتكرر ذلك المشهد المرعب على طرقاتنا ؟! وإلى متى وسائق المركبة هو من يدفع ثمن كل تلك الخسائر الفادحة من جسمه وجيبه وممتلكاته؟!
وخزة قلم:
جدول المخالفات المرورية اشتمل على فقرة توضيحية تتعلق بعقوبة مخالفي إبعاد الحيوانات عن الطريق، إلا أن هذه العقوبة لم تقضِ على خطر جِمال الموت.