هناك مقولة للجنرال “دوايت أيزنهاور” وهو الرئيس “الرابع والثلاثون” للولايات المتحدة الأمريكية يقول فيها: (تُعتبر الفكاهة جزءًا من فن القيادة والتعامل مع الآخرين ومن فنون إنجاز المهام)، وتعتبر النكتة أحد أكثر أنواع الفكاهة انتشارًا بين الناس؛ إذ إن من الصعب وجود مجتمع من المجتمعات يخلو من الفكاهة وعلى مر العصور، وهناك اتجاه إداري حديث يدعو إلى تشجيع استخدام الفكاهة على مستوى المنظمات من أجل خلق بيئة عمل إيجابية تتسم بالمرح والمودة والتفاعل بين أعضاء المنظمة، وتؤدي إلى الحد من حالة الصراع بين العاملين ولتخفيف آثار الضغوط في بيئة العمل الأمر الذي يزيد من مستوى الرضا الوظيفي لدى منسوبي المنظمة، وبالتالي ارتفاع معدل الإنتاجية. بل إن هناك الكثير من المفكرين والمختصين في مجال الدراسات الاستشارية وحتى القيادات الذكية الناجحة يرون أن النكت والطرائف بمختلف أنواعها تعد أحد أدوات التعرف على وجود مشكلات ومعوقات داخل المنظمة؛ وبخاصة تلك التي لا تكون ظاهرة للعيان، ولذا يجب على المسؤول أن يأخذ هذه النكات كمؤشر لوجود مشكلات غير ظاهرة على السطح ولكنها على وشك الظهور. أما الإدارة الفاشلة والضعيفة فترى أن جو الفكاهة ونشر النكت والطرائف داخل بيئة العمل يعدُّ من باب الاستهزاء والتقليل من شأن الإدارة والتندر من بعض المسؤولين؛ ولذا فهي تعتبره من بين المحظورات داخل المنظمة بل وتحاول قدر المستطاع تكميم أفواه من يتبنوا هذا الاتجاه الجديد في العمل؛ وفرض العقوبات على كل من ينتقد الإدارة سواء عن طريق النكتة أو أي طريقة أخرى.
وهناك أشكال وألوان من الفكاهة، وقد تجد نفس النكتة تطلق في مجتمع على التاجر بينما في بلد آخر على المعلم أو الطبيب أو الوزير، وسوف نورد هنا مجموعة من تلك النكات مع التصرف فيها بما يتناسب مع بيئة العمل:
• فمما يُروى عن النكات في إحدى المنظمات أن موظفًا تهجَّم على مدير المؤسسة ووصفه بأنه أحمق، فتم فصله من العمل، وعندما انتقد الموظفون قرار الإدارة بفصل الموظف؛ وضح المدير لهم أن سبب فصله ليس لأنه وصف المدير بالأحمق؛ وإنما تم فصله لأنه أفشى سرًا من أسرار العمل.
• وخلال حفل العشاء قال المدير نكتة سخيفة فضحك جميع الموظفين إلا واحدًا منهم لم يضحك. فقال له المدير: شكلك ما فهمت النكتة؟ رد الموظف وقال: لا والله فهمتها لكني استقلت يوم أمس.
• وبخصوص الفساد المالي وكيف يتعلم الموظفون من مديريهم سرقة المال العام؛ هناك نكتة تقول: ذهب مساعد المدير العام إلى مديره في المنزل فوجد المدير يسكن في قصر فخم فسأله: من أين أتيت بهذا القصر؟ فدخل به الشرفة وقال له: أترى هذا الكوبري ..لقد تكلف فعليًا 100 مليون، ولكن على الورق مائة وخمسين مليون. فمرت الأيام وذهب المدير العام لمنزل مساعده فوجده يسكن قصرًا أفضل من قصره. فسأله من أين أتيت بهذا القصر؟ فقال له: أترى هذا الكوبري، فرد: لا، لا يوجد حولي أي كوبري. فقال المساعد: لقد تكلف 200 مليون دولار.
• ويقال إنه في إحدى المدن كثرت الحوادث، وكان سببها وجود حفرة كبيرة في الطريق فاجتمع مجلس المدينة لحل هذه المشكلة، فقال أحد أعضاء المجلس: يجب أن نقوم ببناء مستشفى بجانب الحفرة، فعارضه مسؤول آخر وقال: كلا.. يجب أن نوفر سيارات إسعاف كافية كي تحمل المصابين إلى المستشفى العام، فقام مسؤول ثالث وانتقد تلك الحلول وقال: إن الصواب هو دفن الحفرة وحفر أخرى جديدة بجانب المستشفى العام، وهذه النكتة توضح مدى استهتار بعض المسؤولين عند البحث عن حل لمشكلة سهلة بل ويتعمدون البحث عن حلول تزيد من حجم المشكلة، وربما تفتح مجالًا أوسع للفساد المالي.
• مدير شركة كان يجلس مع بعض مساعديه وقال: بيننا شخص فاسد وسوف أفصله من العمل، وأول حرف من اسمه حرف “الطاء”. فوقف أحد المساعدين وهو يرتعش خائفًا: والله أنا لست فاسدًا، فقال له المدير: اسمك لا يبدأ بحرف الطاء فلماذا وقفت؟ فقال المساعد: لكنك تُناديني دائمًا: يا طرطور. وهذه النكتة تصف حالة الذل والخنوع التي يكون عليها بعض الموظفين عند الوقوف أمام المسؤول.
وبطبيعة الحال فإن روح الدعابة في العمل ليست بالسيئة كما يعتقد المدير المرتعش بل على العكس من ذلك إذا كانت في حدود المعقول والمقبول، ولو سُئل الموظف عن أي البيئتين تفضّل؟ بيئة العمل الجامدة الكئيبة، أم بيئة مرحة وتتسم بالمرونة؛ فالشخص السليم سيختار الثانية.
0