لم تعد كرة القدم لعبة للتسلية والترفيه عن النفس، ولم تعد رياضة يتنافس فيها فريقان على الفوز بنتيجة أو كأس لا بل أصبحت صناعة وقوة ناعمة لا يُستهان بها تتعدى الحدود وتتجاوز الأسوار، وكلنا يتذكر قبل حوالي 12 سنة حين فازت دولة قطر بتنظيم كأس العالم 2022 وأصداء ذلك عالميًا ثم الأثر الذي انعكس عليها والمليارات التي تم استثمارها والمشاريع الضخمة التي شيّدت والبنية التحتية التي صُممت حتى افتتاح كأس العالم؛ لتتجه أنظار العالم بأكمله إلى قطر؛ فحضرت الفرق والمشجعون والوفود والشركات والإعلام بكل وسائله في تظاهرة عالمية استقطبت الأنظار، واستحوذت على الأضواء.
فاز المنتخب السعودي على منتخب الأرجنتين بنتيجة 1/2 في مباراة قمة في الروعة والأداء تصدر هذا الفوز وهذا الانتصار نشرات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي العالمية، وكان الأكثر تداولًا على مستوى العالم، وأصبح اسم السعودية يتصدر المشهد العالمي إعلاميًا ما يعتبر نوعًا من القوة الناعمة التي أشرت لها في مقال سابق حين تم شراء نادي نيوكاسل الإنجليزي الذي شجع جمهوره السعودية أمام الأرجنتين.
لم يكن الفوز للاعبي الكرة فقط بل هو فوز وانتصار لدولة كاملة قيادةً وشعبًا وانتصارًا للرؤية السعودية 2030 التي أثبتت يومًا بعد يوم أنها أصبحت واقعًا ملموسًا وحلمًا يتحقق، ولم يكن فوزًا عاديًا بل ترجمة حقيقية لما وصلت له المملكة عالميًا في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والصناعية والرياضية؛ لنثق في بلدنا وقيادتنا وقبل ذلك بأنفسنا وأننا قادرون -بإذن الله- على مقارعة الدول المتقدمة ومنافستها.
ولأن الحق ما شهدت به الأعداء فقد كتب مستشار أحمدي نجاد، رئيس إيران الأسبق (فوز السعودية على الأرجنتين لم يكن بمحض الصدفة، كان نتيجة معجزة التطوير الحاصلة، نتيجة مبادرة رؤية ولي العهد والإصلاحات والاستثمار الضخم في المؤسسات الوطنية وشعبه منذ ٦ سنوات، هذه الحقيقة، سواءً أعجبنا ذلك أم لا)؛ لنعلم صدى الفوز وأنه أبلغ أثرًا من فوز مباراة كرة قدم إلى نجاح رؤية وفوز قيادة وإصرار شعب للوصول إلى عنان السماء.
نعود لكأس العالم وأجواء المباريات؛ فنتمنى أن يواصل النسور الخضر انطلاقتهم، وكما قال الأمير محمد بن سلمان يستمتعون باللعب؛ لأنهم إن استمتعوا أمتعوا.
– مستشار قانوني