المقالاتعام

كأس العالم القوة الناعمة السعودية

قال صاحبي: لكل دولة قوتها الناعمة التي تسعى لتنميتها واستثمارها، فما القوة الناعمة التي تمتلكها السعودية، وهل تم استثمارها بالشكل الأمثل، كيف نوظفها ونستفيد منها كما يجب؟
يمكن تشبيه القوة الناعمة بالعلامة التجارية التي تتميز بها دول المستقبل؛ حيث أضحت قوة الدول لا تُقاس بما تمتلكه من أسلحة وعتاد فقط، بل صار للتفوق عناوين أخرى ومجالات مختلفة، وأصبحت تكنولوجيا الاتصال والإعلام من الأعمدة الرئيسة لقياس قوة الدول وتقدمها، وقدرتها على نقل ثقافتها وتوطينها وكسب ولاءات خارج الحدود بحسب ما تمتلكه من إمبراطوريات إعلامية فاعلة، وعابرة للحدود، وقادرة للترويج والدعاية لمن يمتلكها أو يمولها.
إذًا لم يعد السؤال في هذه الأيام بين المختصين حول مدى تأثير العلاقات الدولية المعاصرة على الإعلام مقبولًا، إذ قد تكون الحاجة أكثر إلحاحًا إلى طرح السؤال بشكل مقلوب عن تأثير الإعلام على العلاقات الدولية المعاصرة؛ لأن عالم الاتصال والتواصل شهد تطورًا كبيرًا في وسائله وأنماطه، مما أدى لسرعة وسهولة انتقال الثقافات والتقارب بين الشعوب، متجاوزة الحدود والعُزلة بين المجتمعات، وهذا يتطلب جهدًا منظمًا وعملًا دؤوبًا لتوظيف هذه الصناعة في التقارب بين الشعوب، كأول أدوات الدبلوماسية الشعبية استخدامًا وتحقيقًا للأهداف المنشودة.

يبقى السؤال الأهم: ما هي عناصر القوة الناعمة التي نمتلكها؟ وكيف نبنيها، ثم نوظفها ونستثمرها لصالح صورة السعودية إقليميًا وعالميًا؟
هذا السؤال استدعاه الفوز التاريخي للمنتخب السعودي على أبرز المرشحين لخطف كأس العالم المقامة حاليًا في قطر، الموضوع لم ولن يتوقف عند حصد الثلاث نقاط، أو هكذا ينبغي أن يكون الأمر، فلو أجريت دراسة عن تكرار اسم السعودية بعد المباراة لربما أدهشتنا الأرقام، ولو قدم غوغل مثلًا عدد الذين بحثوا عن السعودية في محركاته قد لا نصدق العدد.
إذا نحن أمام فرصة ذهبية لإعادة صناعة وتعريف صورتنا الذهنية كما نرغب، لدى مختلف الشرائح المتابعة للمونديال، والعمل بقاعدة إيفلي أبو العلاقات العامة؛ “إذا فعلت خيرًا فأظهره للناس” فلدينا الكثير من أدوات القوة الناعمة، بدءًا من خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، والريادة في فصل التوائم، والعمل الخيري الذي جعل السعودية تتبوأ أحد المراكز الثلاثة الأولى في تقديم المساعدات، والاستقرار السياسي، والأمني، وهويتنا الوطنية وما تنطوي عليه من قيم التسامح والكرم وقبول الآخر، وغيرها كثير.
أمامنا فرصة عظيمة لبناء قوتنا الناعمة بصورة متكاملة، من خلال:
• رصد وتحليل الوضع الراهن للقوة الناعمة السعودية.
• استشراف مستقبل القوة الناعمة إقليميًا ودوليًا.
• رصد التحولات المستمرة في القوة الناعمة.
• تحديد مصادر القوة الناعمة السعودية الحالية والمستقبلية.
• العمل على مقاومة القوة الناعمة الأجنبية، وتأثيراتها المرتدة على القيم والهوية الوطنية، ففرنسا حاربت وقاومت تأثير القوة الناعمة الأمريكية وتأثيراتها على ثقافتها المحلية، بإيجاد البدائل المناسبة، ومثلها العديد من الدول الأوروبية غير الناطقة بالإنجليزية، والتي لا تعرض الأفلام الأمريكية إلا مدبلجة بلغتها الوطنية.
• تكامل القوة الناعمة والصلبة من خلال برنامج وطني يعمل على تحقيق وتفعيل رؤية السعودية 2030.
• إيجاد تحالفات بين القوى الناعمة المماثلة للدول الصديقة.

قلت لصاحبي:
القوة الناعمة.. هي القوة الحقيقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى