كان أجدادنا يقولون حكمًا صارت أمثالًا، ومنها: (السيل .. يدل دربه)، وقالوا: (احذر السيل إذا حدر، والجمل إذا هدر)، واتكاءً على ذلك الذكاء الفطري، صنعوا لأنفسهم ما يمكن أن نقول عنه بلغة عصرنا (تنمية مستدامة)، وبالتالي كانت مساكنهم آمنة، وأوديتهم أليفة، فكر عفوي بسيط تفوقوا فيه على كثير من المهندسين.
سأعود قليلًا للوراء، وأقول:
بعد سيول جدة الأولى (الأربعاء 25 نوفمبر 2009)، والتي كنت شاهدًا عليها وقد مرت من تحت نافذة بيتي، حيث فعلت الأعاجيب في شارع “جاك”، وما حوله في حي قويزة، شرقي جدة.
أقول بعد ذلك الحدث المهول، كان لهيئة المساحة الجيولوجية، وغيرها من الجهات الرسمية رأي حكيم، في إقامة ثلاثة سدود شرقي جدة، في المنافذ التي عبر منها السيل/الفيضان، وهي سدود Q1، Q2، Q3 .. ووقفت على أقربها من حارتنا، فوجدته سدًا عملاقًا للغاية، يخرج منه أنبوب ضخم، تم إيصاله بقناة الصرف في غرب قويزة إلى أن تصب سيوله في البحر.
وفي سيول جدة الثانية عام 2011 تضرر سد أم الخير، الترابي المتواضع – كما هو معروف – حتى انبعج ليتدفق سيل وادي مريخ ويكتسح حي النخيل بشوارعه وبيوته وسياراته، شرق محطة قطار السليمانية حاليًا، ثم تم عمل مشروع تصريف رائع يمكنه مواجهة الطوارئ وتخفيف الأضرار …
حلول متأخرة، وليست استباقية، لكن لابأس، المهم الوصول للحلول…
السؤال الآن .. وقد تضرر حي الأجاويد 3 (الألفية) جنوب جدة، بشكل كبير، أكثر أو أقل قليلًا من تضرر قويزة عام 2009، فهل يمكن تنفيذ ذات الفكرة، من خلال إقامة سد أو سدود، ومن ثم عمل مجرى سيل مدفون على هيئة أنبوب ضخم، أو قناة مفتوحة ..؟
قد يسأل سائل … من الذي سمح باعتماد هذا المخطط أو ذاك، وهو مكان مكشوف أمام السيول في أي لحظة؟ .. هل أمانة جدة هي من اعتمدت الفسح، وهل تمت استشارة هيئة المساحة الجيولوجية، وهي الخبيرة في تحديد مواقع الأودية، ومجاري اتجاه السيول في طريقها إلى البحر؟ .. هذا ما أتوقع أن يكون مثار أي تحقيق في هذا الأمر.
تبقى مسألة الأنفاق على امتداد الطرق والمحاور في جدة، وقد ثبت أنها أقل جدوى، مقارنة بالجسور، بمعنى أنت كبلدية أعمل للناس جسرًا ولا تحفر نفقًا ..؟ .. أما وقد “وقع الفأس في الرأس” فيجب عمل خطة هندسية، تضمن عدم تدفق مياه الأمطار من الشوارع المحيطة إلى داخل النفق، كي لا يتحول النفق إلى بحيرة حاضنة للمياه كما رأت وترى عيوننا أمس واليوم، ولكن مع الأسف فقد تكرر هذا الخلل أكثر من سنة، من دون معالجة، فما السبب ..؟
وبالطبع لا يصح أن تكون هناك بنية تحتية متينة لكل حي قديم كان أو جديدًا، إلا وتكون من بينها قنوات تصريف محكمة للسيول، وبالذات قبل فسح أي مخطط، ثم تظل الجهة التي تفسح المخطط هي المسؤولة، وليس المواطن الغلبان الذي لا يعلم عن مجاري السيول ولا الأودية، إلا إن كان مطلوبًا من كل أحد يشتري أرضًا، أن يستقل هليكوبتر تكشف له طبوغرافية المكان من علو شاهق.
نعلم أن ولي الأمر – حفظه الله – مهتم بإعادة صياغة جدة بشكل مختلف لتكون مدينة الأحلام، مدينة المستقبل التي نفخر ونفاخر بها، ولذلك نحن مؤمنون ومطمئنون، إلى أن القادم القريب سيكون أفضل وأجمل.
تعقيبا على مقالتك سيول جده واجدادنا الحكماء خطرت لي فكرة بحكم علاقاتك وموقعك وانتشار مقا لاتك احببت طرح هذه الفكرة لعلها تكون الحل الناجح لو تم عرضها على امارة مكة وامانة جده وتم تبنيها وتطويرها على ارض الواقع وهي كالتالي : تحويل مدينة جدة الى جزيرة وذلك ب
حفر قناة تحيط بمدينة جدة من الشرق وتكون بعيدة عن جدة اقصى مسافة ممكنه احتياطاً للمستقبل وتتصل بالبحر من طرفيها وتكون بعمق يكفي لعبور السفن والقوارب وبعرض لا يقل عن 100 متر بحيث تصب مياه الامطار القادمة الى جدة في هذه القناة وكذلك الامطار التي تهطل على جدة يتم تصريفها الى هذه القناة وعندها سوف تتطور المنطقة التي سوف تمر بها هذه القناة وسوف يتم استغلال الشاطئ في إقامة حدائق ومنتزهات ومهما تكن تكلفة حفر هذه القناة ولكنها لن تكون اغلى من مجموع الخسائر والتعويضات التي تقع كل سنه. خطرت لي فكرة ان اعرضها عليك لعلك تتمكن من عرضها على من تراه مناسب او تكتب عنها وسلامتك
هادي حسن العمري