المقالات

العلاقة بين الكاتب والمجتمع!

تُشكل مرحلة السبعينيات الميلادية من القرن الماضي بداية الاهتمام بالقارئ والقراءة من خلال ما ظهر في فرنسا من أبحاث علمية في هذا المجال لرولان بارت وشارل ميشل إضافة إلى أمبرتو إيكو في إيطاليا لتشكيل نظريات معينة للقراءة كون أغلب النقد موجهًا إلى النص الذي يبتكره (الكاتب) مع تناسي نقد توجه الكاتب وفكره وهو الذي يعيش بين المجتمع، وهو جزء مهم من مكوناته الحيوية الفاعلة؛ لأنه قد يكون مرآة عاكسة لحقيقة ذلك الواقع!!
ويظهر جليًا أن العلاقة بين الكاتب والمجتمع علاقة أزلية كون الأول ابن المجتمع، ويعيش في البيئة التي يكتب عن همومها وقضاياها، ولا بد أن يكسب ثقة مجتمعه وشريحة القراء جزء من المجتمع الذي يعيش به، ويجب أن ترضي كتاباته شعور القارئ؛ كونه الشريحة المستهدفة ولأنه العنصر المهم مع ضرورة أن يطرح رأيه بكل صراحة وتجرد وواقعية. كونه ينقل هموم الناس والمشكلات الواقعية وقضايا أمته ويطرح بعض الحلول المناسبة لها من وجهة نظره الخاصة!
القارئ هو الآخر جزء محوري مهم من مكونات المجتمع وأغلب القراء تجذبهم لى أطروحات الكاتب في شتى الأصناف الأدبية الاهتمامات المشتركة لذلك ذائقة المتلقي هي من تحكم تلك العلاقة البوهيمية بين كل كاتب ومجتمعه؛ كونها علاقات متغيرة حسب ما تقتضيه رغبات القارئ، وتوجهاته الفكرية.
الكاتب الجيّد هو الذي يؤمن بما يؤمن به مجتمعه وفق ما تقتضيه ظروف الكتابة فمثلًا عندما حلَّ وباء كورونا أغلب المقالات المنشورة في معظم الصحف العربية المقروءة والإلكترونية كانت تدور في فلك الجائحة وهمومها وطرق الحد من انتشارها، والوقاية من الإصابة بالمرض العضال وكيفية الخروج والتعامل مع الوباء.
وصعب جدًا أن يرضى الكاتب شعوره وغروره ويتناول الغريب من الأفكار، ويتحدث عن غير هموم مجتمعه أو يغير واقع ذلك المجتمع ولا يعبر عن مشاكله العامة والخاصة، ومن هنا يمكن الوصول إلى قناعة معينة إن حرص الكاتب على تلمس احتياجات وهموم وأشجان ومشاكل أمته ومجتمعه الذي يعيش فيه يعطي القارئ شعورًا بأن الكاتب لا يعيش في برج عاجي بل إنه يشعر بأدق التفاصيل الصغيرة التي يعيشها الغني والفقير..الكبير والصغير، وكل شرائح المجتمع وطبقاته الاجتماعية.
والمشكلة أن بعض الكتاب بكل أسف يكتب بلغة غير مفهومة بمعنى أن كتاباته عبارة عن ألغاز من الصعب فك شفراتها؛ وكأنها طلاسم سحرية لذلك الكاتب القريب إلى المجتمع والناس والأكثر قدرة على تناول اهتماماتهم والعازف على وتر حاجتهم الخاصة والعامة. هو الأكثر قبولًا بين أفراد المجتمع. مع إيماننا التام بأن لكل كاتب طريقته في تناول أي قضية عامة أو مشكلة اجتماعية؛ وفق تجربته الشخصية أو ذاكرته الجمعية!!
وقد يلمس البعض أن هناك ثمة قطيعة بين الكاتب والمجتمع بسبب عدم فهم الكاتب لواقع ذلك المجتمع ومشاكله وحاجته مما يجعله يتجاوز الخطوط الحمراء؛ كونه يقع في مأزق مقص الرقيب ويكون ضحية قلمه الصادق!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى