يُولد الشخص ولديه ميل شعوري وإحساس داخلي بأنه يستحق أفضل منزل وأفضل سيارة وأفضل وظيفة وأفضل حياة وأفضل ما يمكن أن يكون عليه فيما يخص ممتلكاته وعلاقاته الاجتماعية أيضًا، وهذا أمر جيد ومقبول في حدود عدم التضخيم أو المبالغة التي قد تصل إلى حد الهوس، وتُعرَّف عملية هوس الاستحقاق في علم النفس على أنها الشعور المتضخم بما يسمى الاستحقاق النفسي – غير الواقعي أو المبالغ فيه أو المتشدد – ويكون هذا الأمر بارزًا بشكل خاص بين النرجسيين. وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي لتصنيف الإضرابات النفسية والعقلية لـ DSM-5، ومن المرجح أن يكون هذا المفهوم منتشرًا لدى الأفراد الذين يعانون في الأساس من اضطراب الشخصية النرجسية (NPD) “ويعني إحساس الفرد بالاستحقاق لمعاملة خاصة وطاعة الآخرين له” ويكون هذا الأمر عادةً استحقاقًا وهميًا بالجدارة، بدون صفات أو إنجازات متكافئة يستحقون عليها هذا الشعور المتضخم، ويظهر هذا الإحساس والشعور كما ذكرنا سابقًا لدى الشخصية النرجسية؛ وذلك بهدف حماية ذواتهم الضعيفة من خلال بناء طبقات من الإحساس بأحقيتهم بشعور العظمة إلى جانب كبير من الإحساس بالاستحقاق العالي. على غرار الأفراد الذين يعانون من اضطراب الشخصية النرجسية، فإن أولئك الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية يظهرون أيضًا إحساسًا قويًا بالاستحقاق، وعلى النقيض تمامًا فمرضى الاكتئاب والوسواس القهري لديهم استحقاق منخفض جدًا نحو ذواتهم وما يستحقون أن يكونوا عليه من قدر وقيمة واحترام .. فالسؤال هنا ما هو الاستحقاق الطبيعي أو الصحي لشعور الاستحقاق الذي ينبغي أن يكون عليه الأشخاص الأسوياء؟؟؟ يعني ذلك توقع الاستجابة من الآخرين المهمين والفاعلين، مع الشعور بالقدرة، والشعور بحق الفرد في مشاعره الإيجابية، وكلها تُشكل عناصر إيجابية في تقدير الذات، حيث توجد علاقة ارتباطية موجبة بين تقدير الذات وحجم الاستحقاق الذي يرغب أن يكون عليه الأشخاص، وعندما يعيش الأسوياء ظروفًا ليس بقدر الاستحقاق والجدارة التي تكمن في ذواتهم؛ فإنهم يتصالحون مع الواقع ويتعايشون مع درجة الاستحقاق التي هم عليها فليس كل الاستحقاق ممتلكات يستحقونها، وإنما هي إحساس ومشاعر يشعرون من خلالها أنهم جديرون باستحقاق مكانة للتقدير والامتياز..
0