تتمتع المملكة العربية السعودية، بالعديد من المزايا التنافسية مما يجعلها وجهة استثمارية رائدة خاصةً في القطاع الصناعي، كالموقع الجغرافي المتميز، ووفرة الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة، والقدرات البشرية، والقوة الشرائية، والسياسات النقدية المستقرة، كما حظي النظام التشريعي بالعديد من المبادرات التي تستهدف تعزيز ثقة المستثمر الأجنبي كالتحكيم الدولي وحماية الملكية الفكرية.
كل ذلك بالإضافة إلى العلاقات التاريخية يرشح المملكة لتكون شريكًا موثوقًا به مع الاتحاد الأوروبي، فكيف يرى الخبراء والمختصون مستقبل هذه العلاقات؟!
الشراكة مع أوروبا تمرُّ بمرحلة تاريخية
يؤكد رجل الأعمال منصور بن صالح أبو رياش، أن تحفيز الشراكة بين السعودية والاتحاد الأوروبي تصب في مصلحة الطرفين، حيث تقدم المملكة حلولًا عاجلة وعملية لدول الاتحاد في ظل ما يُعانيه اليوم من أزمات وفي مقدمتها الطاقة، وهذه الخطوة تُواكب التصريحات المعلنة على لسان أكثر من مسؤول، وتعبَّر عن رغبة الاتحاد في تطوير العلاقات والتعاون مع السعودية، وقد أصبحت الفرصة مواتية بشكل أكبر بعد إطلاق “الاستراتيجية الوطنية للصناعة”؛ إذ تسعى المملكة رفع قيمة الاستثمارات الإضافية في القطاع الصناعي 1.3 تريليون ريال، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة أحد أهم مبادرات الاستراتيجية، فضلًا عن الميزانية التي رصدتها المملكة وتصل إلى 68 مليار ريال سعودي؛ لتطوير القطاع الصناعي وبنيته التحتية واللوجيستية والرقمية مما يكسب المملكة مزايا أكبر لجذب الاستثمارات الأجنبية وفي مقدمتها الأوروبية، مضيفًا أن الاتحاد الأوروبي هو ثاني أكبر شريك تجاري للسعودية، وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما 40 مليار يورو عام 2020.
لماذا المملكة الوجهة الأفضل للاتحاد الأوروبي ؟!
يقول الدكتور فائز بن صالح جمال ـ الخبير الاستراتيجي ـ: مما حبا الله به هذه البلاد هو ما تملكه من احتياطيات ضخمة من البترول والغاز وكلاهما شريان لمعظم الطاقة في المملكة والعالم، وكثيرًا ما تمَّ الحديث عن أهمية تصدير الطاقة بدلًا من تصدير البترول الخام عبر شبكات الكهرباء العابرة للحدود لما تتمتع به المملكة من ميزة نسبية في هذا المجال.
وأزمة تكاليف الطاقة العالمية التي تعيشها دول العالم، وبالأخص في مجال الصناعة هذه الأيام تعزز مكانة المملكة وميزتها التنافسية في مجال إمدادات الطاقة الأقل كلفةً.
ولعلها فرصة لوزارتي الاستثمار والصناعة والثروة المعدنية؛ لتكوين حزمة من الحوافز مضافة إلى حافز الطاقة ذات التكلفة الأقل من أجل تحفيز المستثمرين وجذب صناعات نوعية من مختلف دول العالم إلى المملكة، وهو ما سيسهم في تحقيق أهم أهداف رؤية المملكة 2030، وهو تنويع مصادر الدخل وتخفيف الاعتماد على النفط كمصدر دخل أساسي ووحيد من خلال تنمية الصادرات غير النفطية.
الشرق الأوسط الجديد…!
يصف رجل الأعمال عبد الرحمن أحمد الغامدي، العلاقة بين المملكة والاتحاد الأوروبي بالتاريخية؛ حيث تمتد جذورها لما يزيد على نصف قرن، وتوجت بافتتاح بعثة المملكة لدى الاتحاد الأوروبي عام 2018، وهذه الميزات تحفَّز على تطوير وتعزيز الشراكة خاصة في القطاع الصناعي، وتقديم الحلول العاجلة لأزمة الطاقة التي تواجهها القارة الأوروبية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وفي ذات الوقت تحقيق “البوصلة الاستراتيجية” للاتحاد الأوروبي القائمة على أربع ركائز هي: العمل والاستثمار والشراكة والأمن مشيرًا إلى أن المملكة تحتل المركز الثامن عشر في ترتيب أكبر اقتصادات العالم، وتقدم حزمة من الحوافز المغرية للمستثمرين، وجاءت في الترتيب الـ14 على مستوى دول مجموعة العشرين في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2021م وفقًا لتقرير الاستثمار العالمي الصادر عن الأونكتاد، وبحسب ما أعلنته وزارة الاستثمار سجّل صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر معدلات نمو قياسية بلغت 257.2% في عام 2021م أي بحوالي 19.3 مليار دولار، ويضيف الغامدي قائلًا: هذه الأرقام تؤكد أن المملكة تسير بخطًى واثقةٍ على طريق تحقيق رؤية 2030، وتوقع سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حينما قال: “أنا أعتقد أن أوروبا الجديدة هي الشرق الأوسط”. داعيًا لرفع مستوى الشراكة في القطاع الصناعي بما يليق بمستوى العلاقات الاستراتيجية بين المملكة والاتحاد الأوروبي.