لكل شخص منا رغبات خاصة به يطمح الوصول لها؛ ومن حق الإنسان أن يحلم بأن يحقق أهدافه؛ ولكن الرغبات مرتهنة بالواقع؛ فليس من الممكن أن يعيش إنسان في كوكب الأرض، وهو مواطن في دولة من دول العالم الثالث، ويحلم أن يكون عالم ذرة؛ لأن طموحاته ورغباته الفانتازية التي يحلم بها قد تكون سببًا في إحباطه لأنها ربما لن تتحقق!
ما دعاني لذلك وجود عينة من شرائح المجتمع وبالذات في عالمنا العربي تعيش مأزقًا حقيقيًا، ومعنى الغرور في تعاملها الإنساني بمن حولها؛ بمعنى أن البعض يرى بعض البشر التي كرمها الله بنظرة قاصرة لا تتوافق مع حقيقة الواقع الذي يقول عكس ذلك؛ كونه يستحقر بعض الشعوب بدون سبب مقنع!
ومن يتأمل دولة مثل الهند يرى رغم وجود الكثير من تلك العمالة الوافدة الرديئة لدينا أن العقول الهندية التي يطلق على بعض مواطنيها مصطلحات غير لائقة في بعض الدول العربية. دولة تعددية، واقتصادية كبيرة ودولة عظمى ليس في الكثافة السكانية كون السكان بها أكثر من مليار نسمة، ولكن حتى السينما الهندية من خلال بليود أصبحت ماركة عالمية مسجلة من نتاج العقل الهندي كذلك الهند كدولة عقول تمتلك القنبلة النووية، وفرضت نفسها ليس بقوة الاقتصاد أو السياسات المالية، ولكن الإنسان الهندي يعمل بإخلاص دون النظر إلى العرق واللون والمنطقة بمعنى أنه يركز على القواسم المشتركة في تعامله مع الآخرين، ويترك القشور؛ لذلك تطورت الهند لأسباب لا يجهلها الجميع منذ زمن غاندي الذي فتح آفاق التعددية!
المشكلة أن حب الذات لدى البعض منّا مرض إذا سيطر على الإنسان، ويجعله يعيش داخل صندوق الوهم والعادات والتقاليد والأعراف والفكر الرجعي، ويتضح جليًا أن عقول بعض الشباب لدينا تغيرت في اكتساب مفهوم معرفة ثقافة الشعوب والمجتمعات بعد الابتعاث الخارجي الذي أقرته الدولة -رعاها الله- منذ سنوات لهدف واحد وهو أن يعود الشباب السعودي إلى وطنه بسلاح العلم والمعرفة واكتساب ثقافة جديدة؛ ويخدم وطنه ونفسه بخبرات علمية وثقافة جديدة!
وهذا ما نجحت من خلاله الدولة لتطوير فكر الشباب ومعايشة واقع المجتمعات المعاصرة، والانفتاح الإيجابي على ثقافات الشعوب والأمم!
قبل أيام التقيت بشاب سعودي يحمل درجة الماجستير في الإدارة من جامعة أمريكية، ويعمل في أوبر لزيادة دخله وتحدثنا سويًا عن استفادة الشباب السعودي من الابتعاث الخارجي والمهارات التي يستفيدها وتتحقق للإنسان أو الطالب الذي يعيش خارج الوطن في الدول العظمى مثل: أمريكا وبريطانيا وفرنسا المحصلة النهائية التي سيخرج منها جيل كامل هي ثقافة قبول الآخر وتطوير التفكير الإبداعي والمهارات العلمية بدلًا من تكريس ثقافة المناطقية والقبلية وتأصيلًا لمبدأ التعايش السلمي؛ كون الدين لله والوطن للجميع؛ والعاقل من اتعظ بغيره كون الحياة أقصر من أن يعيشها الإنسان في اختلاف ودمار ورؤية سوداوية!
جميل أن نستفيد من تطور تلك الدول علميًا وفي الأبحاث والطب والإدارة، والأجمل أن نحافظ على ثوابتنا وديننا وحبنا لوطننا؛ فالطموحات كبيرة والأمل يحدونا أن نكون رسل سلام كوننا أبناء أرض الحرمين أرض الرسالات ومهد الحضارات!
فالمواطن سفير لوطنه فوق كل أرض وتحت أي سماء؛ ويجب أن يكون سلوكه راقيًا مع كل من حوله مهما كان عرقه أو لونه أو دينه أو وبلده؛ لأن ذلك ما يحثنا عليه رسولنا -صلى الله عليه وسلم- “إنَّ أحبَّكم إليَّ وأقربَكم منِّي في الآخرةِ محاسنُكم أخلاقًا وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم منِّي في الآخرةِ أساوِئُكم أخلاقًا الثَّرثارونَ المُتَفْيهِقونَ المُتشدِّقونَ”.
0