القمم السعودية – العربية – الصينية الثلاث التي عُقدت في الرياض مؤخرًا، وجمعت قادة السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية بالرئيس الصيني شي جين بينغ، هذه القمم تُعيد إلى الأذهان قمتي الرياض الأولى التي جمعت الرئيس الأمريكي جو بايدن، بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان، والثانية التي جمعت الرئيس بايدن بزعماء دول مجلس التعاون الخليجي، والعاهل الأردني، والرئيس المصري، ورئيس الوزراء العراقي في الرياض منتصف يوليو الماضي، لتؤكد من جديد على أن الرياض هي عاصمة القرار في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وأنها إحدى عواصم القرار في العالم، إلى جانب التقرير بالمكانة التي أصبحت تحتلها المملكة الآن على الخريطة الدولية باعتبارها قوة صاعدة لها ثقلها السياسي والاقتصادي والثقافي والحضاري، إلى جانب الثقل الروحي الذي تتمتع به باعتبارها قبلة المسلمين وأرض الحرمين الشريفين ومهبط الوحي وأرض الرسالة التي أضاءت للعالم طرق الهداية والسلام. كما حمل هذين الحدثين المهمين رسالة هامة مفادها أن المملكة تتبنى سياسة متوازنة في علاقاتها الدولية بعيدًا عن سياسات التحزب والمحاور، وتتوخى بالدرجة الأولى مصلحتها القومية ومصلحة الأشقاء الخليجيين والعرب، وهو ما عبرت عنه تلك القمم.
وقد اكتسبت القمة السعودية – الصينية أهمية خاصة، وصحيح أن العلاقات بين البلدين ليست جديدة، لكن لقاء الرئيس الصيني بسمو ولي العهد عشية القمة الصينية – الخليجية، أعطى لتلك القمة طابعًا جديدًا بما اتسم به من مظاهر التعاون، اعتبر في رأي المراقبين بمثابة نقلة نوعية في النظام الدولي الجيوسياسي.
من جهة أخرى، تفرض الحقائق الجغرافية والسياسية والاقتصادية أهميتها عندما يتعلق الأمر بالصين والمملكة العربية السعودية، وعلاقات الشراكة الإستراتيجية التي تربطهما، المملكة باعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم والصين باعتبارها أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وكون الدولتان عضويين بارزين في مجموعة العشرين. كما تعد الصين أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية، حيث بلغت قيمة التجارة الثنائية 87.3 مليار دولار في عام 2021، وبلغت الصادرات الصينية إلى السعودية 30.3 مليار دولار، في حين بلغت واردات الصين من المملكة 57 مليار دولار. ويتمثل الدور السياسي لكلتا الدولتين بما يبذلانه من جهد في العمل من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في العالم.
يتمثل نجاح القمة السعودية – الصينية في الاتفاقيات التي تم توقيعها وانعكاساتها على الجغرافيا السياسية العالمية، وفيما نص عليه البيان الختامي المشترك على التزام بكين والرياض بتعزيز التعاون، والتشديد على مبادئ السيادة و”عدم التدخل”، مع التأكيد على أهمية الحل السلمي للصراع الروسي- الأوكراني.
احتضان المملكة للقمم الثلاث، وريادتها للعمل العربي المشترك توجهًا ومواقفًا وتناغمًا يعزز دورها الريادي في قيادتها للأمة العربية، ولعبورها نحو دور قيادي عالمي أكبر.