المقالات

صمت أمريكي مريب

وصفت بكين الأهمية التاريخية لزيارة الرئيس الصيني للسعودية بالقول: “إنها تمثل أكبر مبادرة دبلوماسية لها في العالم العربي؛ حيث توسع الرياض تحالفاتها العالمية إلى ما بعد شراكة طويلة الأمد مع الغرب” وفق رويترز، فيما لزمت وسائل الإعلام والدبلوماسية الأمريكية الصمت إزاء الزيارة، حيث لم تطرق الصحف والمجلات الأمريكية المعروفة “كنيويورك تايمز”، و”الواشنطن بوست”، و”فورين بوليسي”، و”فورين أفيرز” الصمت وتجاهلت الزيارة تمامًا بما ألقى العديد من التساؤلات حول هذا الصمت وذلك التساؤل.

وتُمثل رد الفعل الأمريكي الرسمي على زيارة الرئيس الصيني للسعودية من خلال تصريحات جون كيربي؛ منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي التي صدرت باقتضاب شديد، بالقول إنه “لم يكن مفاجئًا” أن يسافر الرئيس زي شي بينج حول العالم وإلى الشرق الأوسط؛ وأن الولايات المتحدة “تدرك التأثير الذي تحاول الصين تنميته حول العالم”، وقول البيت الأبيض “إنه ليس من المستغرب أن يقوم “شي” بزيارة رفيعة المستوى إلى المملكة العربية السعودية؛ لأن بكين تعمل على زيادة نفوذها في الشرق الأوسط، وأن الزيارة تعتبر مثالًا لمحاولة الصين فرض نفوذها، وأن ذلك لن يغير سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط”… وبالرغم من الصمت والتجاهل الأمريكي، فإن المملكة أبدت حرصها على رفض مفاهيم الاستقطاب، وهو ما أكده وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود؛ في مؤتمر صحفي يوم الجمعة الماضي، بقوله: “إن المملكة تركز على التعاون مع جميع الأطراف”، وقوله “المنافسة شيء جيد، وأعتقد أننا في سوق تنافسية”، مضيفًا بأن جزءًا من هذا الدافع للتنافسية يأتي مع “التعاون مع أكبر عدد ممكن من الأطراف، ومن المهم أن تشارك المملكة بشكل كامل مع شريكتها التقليدية الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الاقتصاديات الصاعدة مثل الصين”. لكن هناك من يربط بين الزيارة والقمم الثلاث التي عقدها الرئيس الصيني مع المملكة وكل من دول مجلس التعاون، ومع الدول العربية، وبين التوتر الذي يسود العلاقات السعودية الأمريكية في الوقت الراهن، لعدة أسباب من أهمها رفض المملكة زيادة إنتاج النفط عبر “أوبيك” في الوقت الذي تزداد فيه الانتقادات من قبل الجمهوريين للإدارة الأمريكية (الديمقراطية) قبيل انتخابات نوفمبر النصفية التي يعتقد البعض أن مواقفها الأخيرة تسببت في الإضرار بالعلاقات السعودية – الأمريكية، كما أن هناك من ربط بين زيارة بايدن للمملكة في يوليو الماضي، ومحاولته ممارسة ضغوط على السعودية، في الوقت الذي لا تمارس فيه الصين أي ضغوط على المملكة، وتتجنب أي تدخلات في شؤونها الداخلية والنفطية.

في كل الظروف تعتبر الزيارة نقلة نوعية ومرحلة جديدة في الشراكة الاستراتيجية التي تربط المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية بعامة بالصين، ومحاولة ناجحة لتحقيق التوازن في العلاقات بين تلك الدول وكل من الصين من جهة والولايات المتحدة من الجهة الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى