تؤكد التطورات الاقتصادية الراهنة أهمية أن يكون لدى المواطن قدر مناسب من المعارف والمهارات والاتجاهات الاقتصادية، هذه مجتمعة تُشكل حالة من الوعي الاقتصادي لاتخاذ القرارات الرشيدة المتعلقة بأنشطته المالية والاقتصادية كونه مواطنًا منتجًا ومدخرًا ومستهلكًا للسلع والخدمات. ومن منطلق أهمية المعرفة الاقتصادية بدأ الاهتمام بالإعلام الاقتصادي باعتباره المدخل الرئيس لإعداد أجيال قادرة على التعامل الواعي مع الواقع الاقتصادي، والمشاركة بفعالية في القرارات الاقتصادية. إن تمكين أفراد المجتمع من التعامل مع المواقف الاقتصادية اليومية كالكسب والاستهلاك والاقتراض والتوفير، في عالم يتجه نحو التعقيد يحتاج إلى درجة من الوعي الاقتصادي، فالشخص العادي في المجتمع يحتاج لفهم معدلات القروض وبطاقة الائتمان والأسهم والدعم الحكومي للقطاعات المختلفة، وما إلى غير ذلك من القضايا الاقتصادية التي يصعب حصرها، فالأفراد الذين لا يدركون ذلك سيجدون أنفسهم غير مستفيدين، وليسوا مدركين اقتصاديًا لما يحدث من مستجدات.
هنا يقع العبء على ناقلين المعلومات الاقتصادية ممن يمتهنون إيصال المعلومة الاقتصادية عبر الوسائل الإعلامية والاتصالية؛ فالفرد العادي قد لا يدرك المعلومة الاقتصادية الرقمية أو حراك الملتقيات الاقتصادية فتباطأ معدل التضخم السنوي في السعودية لشهر نوفمبر على أساس سنوي عند 2.9% الشهر الماضي: 3% من تقرير الهيئة العامة للإحصاء هو في حقيقة الأمر مبشرًا بالخير، ولكن كيف يمكن إيضاح ذلك للجمهور العام.
لقد أشارت فرضية التوقعات العقلانية Rational Expectations Hypothesis ، أو التوقعات الرشيدة في علم الاقتصاد، عام 1961م على يد الاقتصادي موث (Muth) إلى أنه في ظل توفر المعلومات الاقتصادية لأفراد المجتمع، فإن أي قرار تتخذه الجهات المسؤولة لن يولد ردود فعل أو نتائج كبيرة بسبب علم أفراد المجتمع بآثار هذه القرارات مُسبقًا، وبالتالي سيعدل الأفراد قراراتهم وفقًا لهذا القرار وتبعاته الاقتصادية، والعكس في حال عدم معرفة الأفراد بطبيعة ما يجري في الاقتصاد أو حركته وحركة المتغيرات الداخلة فيه والمكونة له، إذ ستكون ردود الأفعال والنتائج كبيرة، ومثال على ذلك فرض ضريبة أعلى على سلع دون أخرى أو فرض ضريبة جديدة أو رفع أسعار الفائدة على القروض، وبالتالي فإنه أن تسعى إلى خلق وعي اقتصادي اجتماعي لأفراد المجتمع خاصة في حالة الأزمات والتقلبات، كما يجب على الأفراد أن يسعوا إلى تحديث وتطوير معلوماتهم ووعيهم الاقتصادي تحسبًا لأي طارئ أو أي تغير يمكن أن يؤثر على قراراتهم المستقبلية بشأن الإنفاق والاستهلاك والادخار وحتى الاستثمار.
تحياتي.
– باحثة في مجال الإعلام الاقتصادي والوعي