تُعتبر معارض الكتاب الدولية من أهم محطات الاتصال المباشر بين الكتّاب والناشرين والمثقفين لاطلاعهم على كل ما هو جديد في هذا المجال، فضلًا عن كونه ملتقى وساحة ثقافية للتعارف بين الأدباء والمثقفين، وحدثًا ثقافيًا بارزًا يتابعه باهتمام بالغ جمهور المثقفين والإعلاميين والأكاديميين، وقد اكتسب معرض جدة الدولي للكتاب هذا العام أهمية خاصة، فإلى جانب مواكبته للانفتاح الكبير الذي تشهده المملكة ضمن رؤية 2030، فقد تضمن تطورًا ملموسًا في الإعداد والتنظيم وحُسن اختيار المكان، وما تضمنه من برامج وفعاليات.
وقد أثبتت معارض الكتاب التي أقيمت تباعًا في الرياض والمدينة المنورة وجدة أن الكتاب – برغم كل المتغيرات التقنية الحديثة – يظل سيد أدوات العلوم والثقافة والمعرفة، وأنه أرقى أنواع السياحة الثقافية التي يهواها عشاق القراءة ومحبي الأدب والشعر والكتب الثقافية بعامة. وقد تميز معرض جدة الدولي للكتاب هذا العام – الذي جاء بعد عامين من التوقف بسبب جائحة كورونا، وأقيم تحت شعار “الحوار ثقافة وسلوك”- بمشاركة واسعة لكبريات دور النشر العربية والدولية بما مجموعه 900 دار نشر من مختلف دول العالم، كما تميز بشموليته التي تضمنت الكتب الأكاديمية والثقافية والعلمية والتاريخية والسياسية والأدبية والدينية، بالإضافة إلى كتب الطفل والوسائط المعرفية والكتب الإلكترونية، وتميز المعرض أيضًا بما تخلله من برامج ثقافية ثرية بفعاليات تستهدف الكبار والأطفال على حد سواء، إلى جانب برنامج ثقافي شامل بمشاركة الهيئات الثقافية ضم العديد من الأنشطة والفعاليات المصاحبة، من محاضرات، وورش عمل ثقافية، وندوات شارك فيها نخبة من الخبراء والمثقفين، إلى جانب الأمسيات الشعرية، والعروض المسرحية، وأركان تعليمية تدريبية للأطفال، وقد تمثل في المعرض 16 قطاعًا ثقافيًا من بينها: الموسيقى – الموضة – والمسرح.
وأعد المعرض منطقة خاصة للأطفال تضم مسرحًا، وركنًا للقصص، ومنطقة ألعاب، وعروضًا وأنشطة تفاعلية، بالإضافة إلى عروض الموسيقى التصويرية الشهيرة وموسيقى أفلام الرسوم المتحركة المفضلة للأطفال، والتي يؤديها أبرز الفنانين، وقد عزز المعرض بما تضمنه من كتب وبرامج وفعاليات دور القراءة كأسلوب حياة، من خلال توسيع الإدراك وفتح الآفاق ورفع الفرد إلى مساحات واسعة من المعرفة.
كما أقامت هيئة الأدب والنشر والترجمة ولأول مرة في المملكة مؤتمرًا للخيال العلمي ومؤتمرًا للنشر الرقمي، استضافت فيه شخصيات سعودية ودولية لها خبرة طويلة في هذين المجالين؛ لمناقشة عدد من الموضوعات المتعلقة بهما.
ومعرض جدة هو المعرض الثالث من نوعه، ضمن مبادرة “معارض الكتاب” الرامية إلى تنظيم جملة من معارض الكتاب في مختلف مناطق المملكة؛ لتوسيع آفاق الثقافة والمعرفة في أوساط المجتمع السعودي الذي أثبت تفاعله بذلك الحدث الثقافي الكبير بشكل تظاهرة ثقافية كبيرة عبرت عن نفسها أصدق تعبير من خلال كثافة الزوار والإقبال على الكتاب والحرص على اقتنائه وبما شكل ظاهرة ملفتة في المسيرة الثقافية السعودية التي تعكس بكل الصدق مدى الرقي والوعي الثقافي الذي أصبح يسود المجتمع السعودي في هذا العهد الزاهر.