المقالات

انتهت الحفلة (عن المونديال والغيرة والشغف والجمال)

انتهت الحفلة والشغف، وبقي عطر الجميلات في أرجاء المونديال يؤانس عشاق الجمال كما مونيكُ محبوبة شاعرنا الراحل د. محمد الواثق بين جبال الألب وحقول الرون في فرنسا:
تلقاكَ مونيكُ في أفيائِها عرضًا غضّ الإهابِ ووجهٌ باغمٌ نَضِرُ
من صُبح غرتها حِيك الضياءُ لنا ومسكُ دارين من أردانِها عَطِرُ
أُسدل الستار وطارت الطيور بأرزاقها: ميسي حمل الكأس إلى بوينس إيرس
وإمبابي يمشي بالحسرة ويموت إلى ساحة الكونكورد في وسط باريس
وإلى زغرب عاد الكروات فرحين بالمركز الثالث
وإلى كازا والرباط عاد أسود الأطلس بأول إنجاز إفريقي عربي في نصف النهائي
انتهت الحفلة وتوقف الشغف، وبقي عطر جميلات المونديال يضوع في المكان
ما أشبه ليلة ميسي وإمبابي وجميلات المونديال بليلة الشاعر محمد بشير عتيق الساهرة:
(قضينا ليلة ساهرة تضمنت محاسن… من كل روضة عينة ومن كل عينة زهرة… قضينا حفلة ساهرة تتوجت قياصر… وتلألأت كواكب… من أطيب العناصر… ما بين دي واحدة صفراء … ومابين دي واحدة خضراء..)
من أين لمونديال قطر كل هذا الجمال؟!
تقاطرت الجميلات من كل حبل ورابية وسهل، وقد تبرّجن وأعلن الهيام، تبرّج خيام محمد المهدي المجذوب في (ليلة المولد) سر الليالي
تبرّج غيمة الشاعر عاطف خيري :(معاك اتبرجت غيمة) كتلك التي عناها الشاعر عتيق بقوله: (والغيم نشر مظلة … بين مسفرات أهلة ونخبة عرب أجلاء).
ذلكم هو الجمال الحسي جمال الشكل والمظهر الخارجي جمال الجسد الأنثوي في أدقّ تفاصيله وتقاطيعه وملامحه التي أشبعها الشعراء وصفًا
يستعير الشاعر صلاح أحمد إبراهيم أزميل فدياس وينحت الفتنة الهوجاء في نفس مقاييس “مريّه”.
تمثالًا مُكبر: (الشعر كالشلال بعض يلزم الكتف وبعض يتبعثر وعلى الأهداب ليلًا لا يُفسر وعلى
الخدين نورًا يتكسر وعلى الأسنان سُكر وفمًا كالأسد الجوعان زمجر يرسل الهمس به لحنا معطر
وينادى شفة عطشى وأخرى تتحسر وعلى الصدر نوافير جحيم تتفجر وحزامًا في مضيقٍ، كلما قلتُ
قصيرُ هو كان الخصر أصغر)
ذاك جمال ظالم الحسن.
قال سعيد بن أبي الحسن للحسن إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورءوسهن؟ قال: اصرف بصرك !
وروى الأوزاعي أن جارية كشفت، فنظر إليها غزوان، فرفع يده فلطم عينه حتى نفرت، فقال: إنك للحّاظة .! أي شوّافه تلقطها وهي طايرة أي أن (عينه طايره) و(عينه زائغة) أو كما يقولون !
والجمال يلاحق المرأة وإن تقدم بها السن:
يقول الطيب صالح: (امرأة في حدود الأربعين، مهما حدث لها من التجارب فإن الزمن قد عامل جسدها بحنو، التجاعيد الدقيقة على جبهتها وعلى أركان فمها لا تقول لك إنها شاخت… بل تقول إنها نضجت)
بعض جميلات العالم جئن إلى المونديال سافرات كاشفات كاسيات عاريات، فأشعلن الغيرة في البيوت وما بين النساء والنساء ولا أحد منا يؤاخذ النساء على غيرتهن طالما الغيرة شعور غريزي ما من امرأة تسلم منه بما في ذلك فضليات النساء كغيرة سارة من هاجر عندما ولدت إسماعيل، وأمنا عائشة من خديجة علمًا بأنها ما رأتها !
وعلى الرغم مما يُقال من أن الجمال الحقيقي هو جمال الروح والجوهر، وجمال النفس والخلق, وجمال العقل، إلا أن جمال المظهر هو الطاغي على المشهد العام في واقع الحياة!
وفي ظل استباحة الجمال، يظل انحياز عشاق الجمال لثوب الحياء، واصطفافهم مع للجميلات يكسوهن ثوب العفاف: (وجن توب الحيا لباسن نزل نور القمر باسن)، ذلكم هو الحياء رأسمال المرأة الثابت، بخلاف جمالها رأسمالها المتحرك.
ويظل عاشق الجمال والحب الطاهر، يردد مع شاعر الجمال عبيد عبد الرحمن أسمى آيات الحب في أعظم تجلّياته ومعانيه الروحية العميقة: بعشق الغانيات فى ظلالن.. بعشق التايهات فى دلالن.. بعشق الهيباتن جلالن ..بعشق الأخلاق والكمال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى