المقالات

بين المُتعة والخيال قطر تنجح في المونديال !

لا شكَ أن بطولة كأس العالم لكرة القدم هي إحدى أهم الفعاليَات الرياضيَة العالمية إن لم تكُن أهمَها على الإطلاق؛ حيث تتنافس فرق كرة القدم من مختلف دول العالم ليخرج من بينها فائز واحد مُعلنًا عن نفسه بأنه بطل للعالم. كما أنها تُعد واحدة من أكثر المسابقات الرياضية الدوليَة شعبيةً؛ حيث يُشاهدها ما يُقارب نصف سكان الكوكب! بل ويسافر المشجِعون من جميع أنحاء العالم إلى البلد المُضيف لتشجيع فريق بلادهم، وهو يُنافس ضد أكثر اللاعبين موهبةً في كرة القدم.

وقد شاءت إرادة الله -عز وجل- أن تكون نسخة كأس العالم ٢٠٢٢ عربية الهوية، خليجية المشهد قطرية التنفيذ، فحضر الإبداع، وقهرت كل الصعاب، وتألفت القلوب واجتمع الأحباب، وما الصورة التي حظي بها حفلا الافتتاح والختام لبطولة كأس العالم في قطر وحسن التنظيم والإعداد الجيد، إلا أكبر دليل على صورة الاحترام والتنوع الثقافي بين الشعوب، ومدى أهميَة تقبُل الآخر واحترام أفكاره وأصله وهويَته، وكيف أن اختلاف البشر هو جزء أساسي من وجودهم على الأرض؛ حيث كانت هناك العديد من الدلالات الرمزيَة في حفل الافتتاح التي تُعبِر عن احترام الثقافات والشعوب، تحت زخرفة “الخيمة” التي تُمثِل الأرض، في رسالة لدعوة جميع البشر من مُختلف الجنسيَات للالتقاء والاتِحاد، ثم كان بعد ذلك مسك الختام الذي أكمل رسالة البداية في حفل النهاية في لوسيل الذي أبهر العالم، وكان خير ختام وأجمل وداع !

ويعد أكبر مكسب نجحت قطر الشقيقة في تحقيقه من خلال تنظيمها الرائع لبطولة كأس العالم، هو تغيير الصورة النمطية للعربي في أذهان الغربيين، والمرتبطة بالبداوة والتخلف، والإرهاب؛ حيث تبدلت هذه الصوة إلى صورة العربي صاحب القيم والمبادئ، والاحترام والرقي في التعامل، والحفاوة والكرم، كما أن البطولة قد وحَّدت كافة المشاركين والمشجعين في رفض كل ما يخرج عن دائرة كرة القدم من شعارات سياسية، أو دعوات لاعتناق أفكار تطمس الهوية الربانية، وتحث على تغيير سلوك البشر إلى سلوك المخلوقات الحيوانية ؟!

وختام القول.. فإن المونديال القطري من وجهة نظري قد خلف إرثًا حضاريًا عظيمًا سيعود بالنفع الكثير والخير العميم ليس على أرض الدوحة فقط، وإنما على المنطقة والمجتمع الدولي الرياضي الذي سيسعى جاهدًا خلال النسخ القادمة إلى تحقيق صورة نمطية مذهلة كتلك التي تحققت على الأراضي القطرية، فالتميُّز في التنظيم والاستضافة العربية الأصيلة أصبحا علامة فارقة في هذه النسخة الفريدة من نوعها، وما تلك اللقطات الحية لارتداء “ليونيل ميسي” البشت القطري إلا واحدة من تلك اللمحات الخليجية الأصيلة، التي لن تُمحى من ذاكرة التاريخ مهما تعددت النسخ ومهما تكررت البطولات؛ فهنيئًا لقطر الشقيقة حكومة وشعبًا بهذا الإنجاز الرياضي العظيم .

وخزة قلم:
الاعتزاز بالمبادئ والقيم أولى الخطوات لاعتلاء القمم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى