“صامويل هنتكتنون” في كتابه صراع أو صدام الحضارات يرى أن عالم ما بعد الحرب الباردة لن يكون صراعًا بين الدول القومية بسبب اختلافاتها السياسية والاقتصادية بل ستكون الاختلافات الثقافية المحرك الأساسي للصراعات بين البشر مستقبلًا، ويؤكد كذلك أن عالم ما قبل الحرب الباردة كان صراعًا أيديولوجيًا بين الرأسمالية والشيوعية أما الصراع القادم؛ فهو صراع أو صدام ثقافي حضاري.
إن الانتماءات الأيديولوجية يمكن تغيُّرها فمن الممكن أن يتحوَّل الإنسان من الفكر الليبرالي إلى الفكر الاشتراكي، ولكن من غير الممكن أن يصبح الصيني فرنسيًا، ولا أن يصبح العربي أمريكيًا قد يحمل الإنسان العربي جنسيتين الفرنسية والإيطالية، ولكن لا يمكن أن يكون مسلمًا وكاثوليكيًا في آن واحد.
إن شرب الكوكاكولا لا يعني أنك أصبحت مواطنًا أمريكيًا ولا أكل السوشي الياباني سوف تجعلك يابانيًا.
الهويات الثقافية للشعوب من الصعوبة تغيُّرها أو فرضها من الخارج “صامويل” يرى أن صراع وصدام الحضارات سيكون على الأغلب بين الحضارة العربية الإسلامية والحضارة الغربية، وأن شكل الصراع سيكون على أوجه متعددة.
أما الانعزال عن الغرب للمحافظة على هويتها الثقافية والحضارية، وهذا سيكون باهظ الثمن أو التحالف مع الحضارات الأخرى مثل الحضارة الصينية عن طريق إقامة تحالفات سياسية أو تكتلات اقتصادية، وهذا ما حصل بالفعل في القمة السعودية الخليجية العربية الصينية، وهو الخيار الصحيح لأن الصين لا تسعى إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وليس من سياستها فرض القيم والهوية الصينية على الآخرين مثلما يفعل الغرب.
إن أمريكا خاصةً والغرب عمومًا استخدم ملفات حقوق الإنسان وحماية حقوق الأقليات ونشر الديموقراطية والقيم الغربية؛ لترويض الدول والحكومات محاولًا مغازلة الشعوب العربية والإسلامية بواسطة هذه الشعارات التى ثبت زيفها وازدواجيتها بل الغرب ذهب إلى أبعد من ذلك من خلال محاولة فرض قيم منحرفة ودخيلة على قيمنا وديننا وثقافتنا كموضوع المثلية، وما حصل في بطولة كأس العالم في قطر دليل واضح على أن صراع أو صدام الحضارات قد أصبح واقعًا خصوصًا رفض دولة قطر القاطع والشجاع في رفض استغلال هذه المناسبة الكروية العالمية في نشر قيم الانحراف والابتذال المُتمثلة بالترويج للمثلية.
إن نظرية اليد القذرة والقفاز النظيف الغربية ضد قيمنا الدينية وهويتنا الثقافية والحضارية هدفها ضرب آخر جدار قيمي وثقافي وروحي، نتمسك ونفتخر به ويميزنا عن الحضارات الأخرى.
0