تم الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية في الأمم المتحدة، وبرعاية سمو وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية بعنوان: “الأمم المتحدة واللغة العربية، مسيرة الـ 50 عامًا” على مدار يومي 25-26 جمادى الأولى 1444 هـ الموافق 19-20 ديسمبر 2022م.
وتولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغًا باللغة العربية وعلومها، ونستذكر بهذا الصدد كلمة خادم الحرمين الشريفين: الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله-: “إن من أجلِّ النعم على أمة الإسلام نعمة القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربي مبين. قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، فقد حفظ هذا الكتاب المبين لأمة العرب لغتها، ولأمة الإسلام طريق الخير والهداية وسائر الأحكام، ولشبابها أحسن الأخلاق والآداب، ثم إن من النعم الكبرى التي تستوجب الشكر أننا نعيش في دولة أُسست على هدى من كتاب الله الكريم، وسنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، تطبق شرعه، وتقيم حدوده، وتلتزم عقيدته في سائر تعاملاتها الداخلية والخارجية”.
ومن أهم مظاهر اهتمام وعناية حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز باللغة العربية تأسيسها مَجْمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (34) بتاريخ 13 محرم 1442هـ الموافق 1 سبتمبر 2020م، ليكون منطلقًا لتعزيز دور اللغة العربية إقليميًا وعالميًا، وإبراز قيمتها المعبّرة عن العُمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية، وليكون مرجعية علمية على المستوى الوطني فيما يتعلق باللغة العربية وعلومها، وليسهم بشكل مباشر في تحقيق أهداف برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030.
وتستمد اللغة العربية قيمتها الكبيرة من ارتباطها الوثيق بالإسلام؛ حيث إنها لغة تشريعية بامتياز، وبها يتم تفسير آيات القرآن الكريم.
كما أن اللغة العربية هي أحد أهم العوامل المشتركة بين البلاد العربية حتى إنها تسمى البلاد العربية نسبة لوحدة اللغة، فهي من مقومات وحدة الأمّة ووجودها الفعلي.
ومن بين أهداف الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية هي أن يتم لفت انتباه العالم كله إلى واحدة من بين أفضل اللغات التي كان لها أكبر الأثر في نهضة الغرب، من خلال ترجمة ما وصل له علماء العرب من أبحاث في كافة العلوم والفنون والثقافة، وهي من اللغات الأربع الأكثر استخدامًا في الإنترنت، وأكثر انتشارًا ونموّا أكثر من اللغات الأخرى، واللغة العربية هي أقدم اللغات السامية، بل هي أم اللغات السامية، وأوَّل من تحدث بها سيدنا إسماعيل -عليه السلام- قبل نحو أربعة آلاف عام.
واللغة العربية لها أهمية كبيرة في نفوس المسلمين، فهي لغة القرآن، ولغة أهل الجنة، ولا تتم الصلاة في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلماتها، وهي لغة المسلمين في كل مكان، من حيث هي اللغة التي يحتاجها المسلم لكي يكون مسلمًا.
وقد أعلى القرآن الكريم من شأن اللغة العربية، من ذلك قوله تعالى:
(وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا)
(قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)
(كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)
(إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّمَا يُعَلِّـمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْـحِدُونَ إلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ)، وآيات أخرى كثيرة.
إن جمال اللغة العربية ورشاقة ألفاظها وبيانها الساحر جعلت منها لغة العذوبة والجمال في الشعر والنثر، وهو ما عبَّر عنه شاعر النيل حافظ إبراهيم:
أنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي.
وقديمًا قالت العرب: “إن من البيان لسحرًا”.
ونحن جميعًا مدعوون- كما يذكر د. سعد البازعي- لدعم اللغة العربية بأن نتحدثها، وألا نسمح للغات الأجنبية أن تحتل ألسنتنا، وأن لا نسمح للتعابير الأجنبية أن تحل محل تعابير عربية من السهل استعمالها.