قبيلة حرب خولانية أم أنصارية ؟

أعود وأكرر وكما ذكرت في مقال سابق أن ليس لي أي اطلاعات متعمقة، أو معرفة قوية بعلم الأنساب من قريب أو حتى بعيد وإنما مجرد متابع ليس إلا وقد تقابلت مباشرةً مع بعض المختصين أمثال د. فايز بن موسى البدراني وأجريت معه لقاء صحفي في داره في المدينة المنورة، واستمعت للحديث المطول عن نسب حرب مع د. عبدالمحسن بن فلاح بن طما بمكة المكرمة في شهر رمضان الماضي في دار المضياف والمهندس المثقف عبدالرحمن بن سليم الحجيلي، أو عبر الجوال مع د.عائض بن بنيه الردادي، وغيرهم. وأُدرك أن هذا العلم من العلوم الإنسانية غير اليسيرة في الفهم والإدراك إلا لمن يسر الله له ذلك على علم وبصيرة، وأعطاه الله صدق في قول الحق وكشف للحقيقة والإخلاص والعدالة، وبعيداً عن الأهواء والتعصب. كما أني في الوقت نفسه أتاسف أشد الأسف على دخول بعض المتعصبين في مناقشات هذا المجال العلمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة بتويتر وأغلبهم بمعرفات لأسماء مستعارة ! والذين هم في واقع الأمر ممن لم يقضوا الليالي والأيام وتعبوا واجتهدوا في القراءة والاطلاع والبحث والاستقصاء والاستنتاج والحكم كما فعل المختصون من الباحثين والمهتمين على مختلف مشاربهم وقناعاتهم.

وما دعاني للعودة مرة أخرى للكتابة عن هذا الموضوع المتعب ولكن هذه المرة تحت مسمى حرب خولانية أم أنصارية (الأوس والخزرج) ؟ هو تزايد الخلافات والتجاوزات عبر تويتر سواء في التغريدات، أو في المساحات التويترية والتي تصل أحياناً إلى ألفاظ غير لائقة للأسف الشديد بين بعض أنصار طرفي النزاع.. فالفريق الأول يؤكد أن قبيلة حرب هي قبيلة خولانية قادمة من اليمن، والفريق الآخر يقول أن القبيلة في الأساس ليست باسم رجل واحد بل هي عبارة عن تحالفات لكيانات مختلفة من الأشراف، والأنصار، وكنانة، وسليم، وغيرهم… ولا يعقل أن لايوجد رأي حاسم في هذه المسألة الهامة وإن كان من العلماء والباحثين المتأخرين في الجزيرة أيدوا الرأي العلمي الذي يذكر: أن قبيلة حرب خولانية هاجرت من اليمن في بدايات القرن الثاني الهجري وتحديداً في عام ١٣١هـ وهما علامة الجزيرة العربية الشيخ حمد بن محمد الجاسر، والمؤرخ الأستاذ عاتق بن غيث البلادي _ يرحمهما الله_ وقد يكون لهذا الرأي رأي آخر مخالف وهذا لا يمنع من الاستماع له بعد القيام بمهام البحث والتدقيق ووفقاً للمنهج العلمي.

إن من المأمول من طرفي النزاع التوقف عن هذه المهاترات تماماً وخاصة في تويتر وهذا المطلب ليس بالجديد وليس بفكرة مستجدة بل سبق وأن طالب به وجهاء من القبيلة في وقت سابق وفي مقدمتهم المهندس عبدالكريم الحنيني الحربي وبضيافته في ديوانيته في المدينة المنورة، والدكتور مرزوق بن صنيتان بن تنباك ومعهما عدد من الأفاضل وعبر مجلس مشهود. ومن هنا ومن هذا المنبر نجدد الدعوة ونأمل أن تكون هناك مناظرة علمية أدبية في أماكن، أو مجالس معروفة بين طرفي النزاع وشخصيا تواصلت مع د. فائز البدراني ووافق حقيقة على هذه المناظرة وتواصلت أيضًا وجها لوجه مع د. عبدالمحسن بن طما وأرجو أن يغير وجهة نظره في البعد عن الامتناع عن حضور المناظرة طالما أن هذه المناظرة سوف تصل بالطرفين إلى طريق الحق ولا غيره والكل يرغب في ذلك، ومن المؤكد أنها لن تخرج عن الأدب والذوق والمصداقية فالدكتور فائز والدكتور عبدالمحسن يملكان من الأخلاق الفاضلة الكريمة والثقافة العالية الشيء الكثير. وعلى أي حال اختلاف الرأي لا يفسد أبداً للود قضية. فهل نرى هذه المناظرة المرجوة والتي طال انتظارها في أقرب وقت متاح؛ لنكشف عن كل الملابسات وننهي فصولاً من الخلاف القائم والجدل العقيم هذا مانرجوه جميعاً فمن يأذن بالمواجهة ويرحب بها ؟

همسة:
كل إنسان يملك الثقة في نفسه، ويملك الحجة والدليل في مجال علمه فمن المفترض أن لايتأخر في التواجد في مجلس علمي مرموق أمام جمع من الناس يتصفون بالأدب الجم، والفكر الراقي، واحترام الرأي والرأي الآخر. فمن يؤمن بما يملك من علم سينطق بمجمل عناوينه، وكامل تفاصيله بكل شجاعة وجرأة وقوة، وسينطلق نحو الآفاق العلمية الواسعة بلا وجل أو تردد؛ ليوضح صدق قوله، وسلامة موقفه، وصحة قناعاته فالحق أحق أن يتبع وفي جميع الأحوال والأوقات، وعلى أي حال لا يسعنا إلا نقول: “اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه”.