ظلَّ الشعب السعودي الوفي على عهده الوثيق في محبته لقيادته وإخلاصه لها عقدًا بعد عقد وعامًا بعد عام، حتى انتظم هذا العقد الفريد بين الحاكم والرعية في بلاد الحرمين الشريفين، وأصبح مثلًا يُحتذى في الثبات والاستقرار والاستمرارية؛ نتيجة هذه الرابطة التي ظلت السمة البارزة لهذا البلد الأمين ولافتته الحضارية التي ظلت تعبَّر دومًا عن أصالته ونبله، وظل ملوك المملكة منذ عهد القائد المؤسس والباني العظيم جلالة الملك عبد العزيز آل سعود – يرحمه الله – يضيف كل واحد منهم إنجازاته الخاصة، وبما جعل المملكة في سباق دائم مع الزمن؛ لتحقيق التقدم والتطوير الذي يليق بدورها ومكانتها التي ظلت تتعاظم مع كل عهد جديد لملوكها الذين قدموا أقصى ما في وسعهم من جهد وتضحيات من أجل إعلاء شأن الوطن ورفعة رايته.
إننا نشعر بالاعتزاز والفخر؛ لأننا نعيش عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، ومن الأهمية بمكان أن نتعرَّف عن قُرب على رمز نهضتنا وقائد مسيرتنا المباركة في مرحلتها الراهنة التي نقلتنا من مرحلة الدول النامية إلى مرحلة الدولة المتقدمة.
وُلد الملك سلمان في يوم الخامس من شوال من عام 1354هـ الموافق يوم 31 ديسمبر من عام 1935م، ليكون الحاكم العشرين للمملكة من أسرة آل سعود. والدته هي الأميرة حصّة بنت أحمد السديري، ويعتبر من أهم أركان العائلة السعودية المالكة وأمين سرها ورئيس مجلس العائلة، كما أنه مستشار شخصي لملوك المملكة العربية السعودية قبل تنصيبه ملكًا، وقد عُرف بثقافته الواسعة وتقربه من الأدباء والصحفيين والمثقفين.
وفي عام 1954م عندما كان يبلغ 19 عامًا من العمر فقط، تمَّ تعيينه أميرًا على الرياض، وبعد عام واحد، أي عندما بلغ سن 20 عامًا، عُيّن أميرًا لمنطقة الرياض برتبة وزير، ليقود طوال خمسين عامًا من حكم الرياض نهضة عظيمة في العاصمة السعودية، لتشهد الرياض في عهده نهضة غير مسبوقة من قبل، فقد بنى المدارس والمستشفيات والجامعات والمتاحف والملاعب ووسّع السياحة والتجارة والاستثمار، وفي عام 2012 تمَّ تعيين سلمان بن عبد العزيز وزيرًا للدّفاع ليؤسس في وزارة الدّفاع السعودية منظومة جديدة وليعمل على توسيع كافّة المؤسسات التابعة لوزارة الدفاع السعودي، وبعد وفاة الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود شقيق الملك سلمان وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء السعودي ووزير الداخلية السعودية صدر أمر ملكي عام 2012م من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتعيين الملك سلمان وليًا للعهد السعودي.
وعندما تسلَّم سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم عام 2015 لم يكن جديدًا على هذه المهمة الصعبة، فقد ظل يحمل هم وقضايا الوطن منذ صغره، عبر ما تقلده من مناصب ومهام ومسؤوليات، جعلته يكرس جهده وأوقاته في خدمة الوطن والمواطن. وإنجازات سلمان قبل أن يصبح ملكًا لا تعد ولا تُحصى، فعندما كان أميرًا للرياض، ثم وليًا للعهد، حقق العديد من الإنجازات على مختلف الأصعدة داخليًا وخارجيًا، وسجل حضورًا في كثير من الأنشطة، وجاءت هذه الإنجازات على المستوى المحلي من خلال اهتمامه بالجيش والدفاع عن الوطن. كما كان له دور كبير في مجال مكافحة الإرهاب، والمحافظة على التراث، إلى جانب اهتمامه بالمحافظة على الهوية الإسلامية لبلاده، ورعاية الحجيج، كما اهتم – حفظه الله- بإرساء العدل والشفافية، وأولى جلالته اهتمامًا خاصًا بتطوير البنية التحتية في عاصمة بلاده، وتطويرها، وخلال فترة ولايته للعهد لعب دورًا سياسيًا واقتصاديًا واستراتيجيًا في أنحاء العالم؛ حيث قام بزيارات تاريخية مميزة ومهمة بالنسبة للمملكة العربية السعودية ومستقبل العلاقات بينها وبين المجتمع الدولي، واستطاع الملك سلمان منذ توليه منصب القيادة النهوض بمستوى المملكة العربية السعودية بكافة المجالات، بالأخص مع وجود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى جانبه يشد أزره، والذي أعلن عن مبادرة رؤية المملكة 2030 التي يرى فيها مستقبل الإصلاحات والتقدم النوعي للمملكة العربية السعودية على المستوى المحلي والدولي والإقليمي.
ويمكن القول دون أدنى مبالغة أن ما قدَّمه جلالته للمرأة السعودية وحده يعتبر أكبر هدية تقدير وإجلال تعجز العقول والأفئدة في التعبير عن عظمتها وقيمتها.
إن النقلة الحضارية والعلمية والتقنية العظيمة التي تشهدها بلادنا في هذا العهد الزاخر، والتي يقف وراؤها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز تجعلنا نتوجه إلى المولى -عز وجل- بالدعاء لجلالته بالعمر المديد والعمل السديد، وأن يجعله ذخرًا للوطن ولشعبه، وحارسًا أمينًا لتراب الوطن، ومدخراته، ومكتسباته، وإنجازاته.