قدَّم الكاتب السعودي (حامد الشريف) للمكتبة العربية روايته (مقتل دمية) عن دار (غراب للنشر والتوزيع 2020)؛ فحظيت باهتمام القراء فور صدورها بقراءة حرة للمتعة، وقراءات موضوعية تدعم النص بما له من مميزات، وما عليه من ملاحظات. أحد القرَّاء يقول جذبني في الرواية (ما تتضمنه من رسالة اجتماعية إنسانية مهمة)، وهو على حق فيما ذهب إليه؛ إذ من يلقي نظرة على الإهداء أول عتبة من عتبات النص سيجد الصورة المجتمعية ماثلة من خلال كلمات المؤلف الراقية إلى شريكة دربه؛ إذ خصها بالإهداء وفاءً واعتزازًا بدورها في مسيرته الحياتية؛ فيشير إلى أنها كانت تقف إلى جواره، وليس خلفه كما كان يعتقد من المقولات المنقولة (وراء كل رجل عظيم امرأة)؛ فيعيد إليها الفضل في استنارة بصيرته.
أول نظرة للقارئ في الرواية يتجه بصره نحو الإهداء؛ فيتوقف أمامه ولا يفكر في علاقته بالنص يراه مجرد مقدمة صغرى، وأنا حصل معي ذلك، وبعد أن انتهيت من القراءة اتضح أنني لم أفد من مقصد الإهداء من أول قراءة كما يعول عليه الكتاب، ويحرصون على جعله إحدى العتبات المفاتيح لسبر النص وفك رموزه؛ فعدت إلى الإهداء أكرر النظر فيه فتكشف أمامي قصدية الروائي؛ فقد وجهه إلى رفيقة عمره يمتن لها بكل نجاحاته، ويبعث سلوكًا نموذجيًا إلى الرجل المتحضر فكرًا ووعيًا مثل ذلك المفترض يكون؛ فيبدأ بكلمة طيبة لمن ترافقه في الحياة من النساء بدءًا من أمه إلى بقية السلسلة من الأخت والزوجة و.و. و هكذا المفترض السلوك الذاتي تلك الرسالة حققها في نصه ليبعد عن نفسه مقولة (يقول ولا يفعل)؛ فشخصيته المحورية في النص فتاة تقدم نموذجًا للفجوة بين الأخت والأخ حين استلبها أبسط حقوقها واضطرها إلى مغادرة البلاد لعلها تجد السلوك الحسن والتعامل الراقي. اختيار الروائي السارد (أنثى) تقود القضية وهي ذاتها شخصية الرواية المحورية تقدم ما يشغل تفكيره من منطلق احتجاجه على سلوكيات تقتضي التعديل في مجتمع الرواية؛ فلم يهتم بداية بتسمية الشخصيات (سارة، ألكسندرا، برنارد، قاسم)، وإنما بهمومها وأفكارها وسلوكها وقيمها فأجّل ذكر الأسماء، أول ذكر لاسم سارة (ص 74، ص 21).
تنهض الرواية على شخصية — وليست رواية حدث ولا مكان ولا زمان — (سارة) فتاة سعودية ثائرة على كل ما هو تقليدي، تكسر القواعد المألوفة في الحياة والفن كرسامة تهتم بالمنهج السريالي والتجريدي، أخذتها موجة التحرر ما بعد الحداثة تتخذ القرار وتنفذ، كانت تعيش وسط أهلها ولا تملك دفع الأذى عن نفسها تحرم من حقوقها، أمام أمها تلك المرأة الضعيفة (على قد حالها ليس بيدها إدارة عائلتها)، تبجل الرجل وترفع من شأنه فلم تسعَ إلى فرض شخصيتها على ابنها الظالم في تعامله معها ومع شقيقته يحب ذاته صاحب سلوك زائف متناقض يدعي التدين؛ فلا يعمل بتوجيهات دينه ينهب مالها؛ لأنها أنثى حتى لا تمنحه زوجها المستقبلي وبعد وفاة والدها عبث شقيقها – البغيض الحقير كما تصفه – بحياتهم وممتلكاتهم، ومما يزيد الطين بلة حسن ظن أمها به ومحبتها الجنونية له مهما يرتكب في حق أسرته من الجرائم تكون ردة فعلها سلبية، وليس بيدها سوى اللجوء إلى ربها بالدعاء فكانت تواجه ثورة ابنتها بقولها: (..هذا أخوك الكبير، والظفر عمره ما يطلع من اللحم)، وكانت الفتاة تمقت بشدة مثل هذه العبارات العاجزة التي تعطي للمجرم الذي ينهب أموالهم، والتعدي على حقوقهم، وكانت تتعامل مع موقف أمها بإظهار الاشمئزاز والنفور مما تقوله والدتها كما ابتلي بزوجة لا تقل عنه حقارة؛ فلم يكن أمام الفتاة إلا أن تنتظر بلوغها السن القانوني ثم تسترد حقوقها وكانت متأكدة بثقة من الوصول إلى ما تخطط له؛ فقررت الرحيل إلى سويسرا طلبًا للراحة والاستجمام، وكانت لا تملك إلا الحب والإيمان وألوان وفرشاة سكنت (نزل /فندق وسبا فيكتوريا) تعرفت على امرأة / ألكسندرا مسنة تهوى الرسم تمتلك لوحات وتابوتًا خشبيًا تخفي فيه دمية طفلة، منعتها مالكة النزل من عرض أعمالها فيه، انشغلت الساردة بالدمية؛ فتوقعت عمرها في الثانية عشرة حين رأتها صرخت وأصيبت بإغماء ولم تفق إلا في غرفتها، حاولت نسيان الدمية فلم تنجح، أصبحت تتردد عليها في المنام وتطلب منها مساندتها، صادفت الشاب برنارد جواهر النهر تتأمل، وترسم حدثًا بينهما حوارات اكتشفت أنه يتظاهر بالضعف فكان كالشرارة لانطلاقها في الحديث معه برغم حال الانغلاق الشديد المحاطة به من المحرمات والتقاليد يصعب تجاوزها تمضي في ذم كل ما تعاني منه الفتاة في مجتمعها، فأخذ يستدرجها ويستفزها بالثناء على جمالها وذم حجابها مثل قوله: أفهم أن هيئتك وليدة قناعة، أعتقد أن الفتاة الجميلة لا تخفي وجهها وجسمها بهذه الطريقة البدائية، حديثه المستفز دفعها لنزع النقاب والغطاء عن رأسها.. فظنت أن تصرفها يستحيل؛ فاستطاعت استكمال الحوار معه برغم التوتر، أما الشاب دخل في دهشة وعجز عن مجاراتها في الحكي، ثم تتابع الحديث تخليها عن قناعاتها، وأنها لم تندم مطلقًا على نزع حجابها برغم حرصها الشديد وقتالها منذ أن وصلت إلى سويسرا واحتمالها الأذى من المجتمع، ونظرتهم الغريبة إلى مظهرها حتى الشرطة كانت تهرب منهم حتى لا يجبروها على خلع حجابها، وفي نهاية الرواية تتخلى عنه بسهولة بعد نزعه أمام برنارد تخلصت من مطاردتهم، وفرحت بمظهر الجديد…
كانت سارة تعتقد الدمية فتاة حقيقية قتلت ثم تم إخفاؤها في الصندوق، وكانت تفكر في القاتل ثم اقتنعت أن الدمية عمل فني صنعته ألكسندرا لتكون بديلًا عن أختها الكبرى (ماريانا) التي توفيت في الثانية عشرة من عمرها؛ فلم تعش ألكسندرا حالة أخوة معها فكان عمرها في السادسة؛ فتذكر أنها عاشت وحيدة والديها، فقدت إحساس الأخت الذي كانت تتمناه وتحتاجه فكانت الدمية تعويضًا لها عن الشعور بالفقد؛ فتعلقت بها نفسيًا تستولي على كل حياتها، ومما يلاحظ على شخصية سارة تنجرف خلف خيالات غير منطقية، تميل دائمًا للتشاؤم والخوف الدائم، وهذه دلالة على تعامل ناجح مع الشخصية فهي حالة حقيقية، وليست شخصية من ورق.
نجح الروائي في صنع معادل موضوعي؛ فالدمية الفن وما تمثله لأختها من رباط أخوي إنساني تتشبث بمشاعرها التي لحقت بها فطول عمرها إلى أن أصبحت مسنة – جاوزت السبعين — يقابله سارة المقتولة معنويًا وإنسانيًا من أقرب إنسان إليها شقيقها من أول صفحة شغل ذهن سارة بالدمية.
فكأن الروائي قصد إلى أن يعطي نموذجًا بين صورتين للأشقاء الأول سارة وشقيقها والعلاقة السلبية طوال سرد الحكاية، فرق بينهما الطمع والجشع والنظرة الدونية للمرأة من أقرب الناس في بعض بيئات المجتمع السعودي، الثانية ماريانا وألكسندرا فرق بينهما وتعلق الثانية بالأولى.
فجعل المؤلف الرواية/ شخصية النص تسكن نزلًا تعرفت فيه على الشخصية المساندة ألكسندرا أصبحت صديقة مقربة تمتلك دمية، ومن أول نظرة لسارة عليها أخذت تفكر في أمرها، توقعت عمرها الذي أفصحت عنه لاحقًا؛ نظرًا لكبر حجمها، تتساءل عن قاتلها فشكت في صانعتها؛ نظرًا لحالة الغموض الذي يغلف شخصية الصانعة وقلقها وتوترها أمام سارة حين أبدت اهتمامًا بها.
أخفى الروائي الغاية من الدمية وتصرف الصانعة المريب تجاهها طوال عمليات السرد أمام الشخصية / سارة؛ ليقدم لها وللمتلقي إشارات تومئ إلى مواقف حدثت وستحدث لاحقًا كما رسمها في خطته قبل أن يبدأ، منح مثل هذه المساحة تكتيكًا مطلوبًا في السرد؛ لاكتشاف تلك الألماحات تحمل مفاجآت قد يشعر بها المتلقي وقد يتوقعها، وبصورة لافتة هيمنة وتحكم الدمية في مسارالحكاية وتوجيه الأفعال والأحداث شكلت وظيفة أدائية لدعم المحتوى وتوشية الخطاب، أدرجها الروائي في بنية النص فتظهر أحلام ورؤى تفاعلت مع الأحداث والمواقف ومع غيرها من الشخوص، فحدث الانسجام بين عناصر النص مما أسهم في تنمية الفكرة، فيلاحظ المتلقي أن حضور الدمية يقدم في صورة تبادلية بين الظهور والتواري فحين تظهر الدمية تختفي سارة والواقع، والعكس؛ لذلك لجأ إلى الاستعانة بتقنية الحلم في المواقف الصعبة فيكون ظهورها بمثابة تغلب على المشكلة، وهنا يصبح وجود الدمية في صورة أحلام وكوابيس داعمًا لسارة في تغلبها على معاناتها، من ذلك (تكررت الرؤيا أمامي وكأنها فيلم سينمائي بالغ الجودة…. وتلبسي بهذا الكابوس المرعب… أصبح يقينًا بالنسبة لي، أن الدمية صنعت تخليدًا لذكرى طفلة صغيرة توفيت بطريقة غير طبيعية..) ص 50
(على كل ينتابني إحساس قوي بأن مطاردتي للأحلام، والتعاطي معها كأحداث واقعية، جنون محض) ص 51
(أجدني متعلقة بالرؤى أتعاطى معها وكأنها حقيقة…. فنحن نرى ما نفكر فيه لا ما نحاول نسيانه…)ص62
فكانت الرسالة من مقتل الدمية تخص كل فتاة تعيش في صراع بين ما ترغب وما يفرضه مجتمعها عليها؛ فعليها أنت تتنبه لنفسها، وتتخذ القرار المناسب حتى لا تنتهي إلى القتل أو تصبح دمية لا حول لها ولا قوة.
كذلك نجح الروائي في الإفادة من خاصية أسلوب التقديم والتأخير؛ فيقدم ما يؤدي إلى الانفعال والتوتر والاحتجاج كما فعل حين أعطى سارة القرار أن تستسلم لأفكار برنارد بعد أن نال من مظهرها بأسلوب الذم بما يشبه المديح ، جريًا على قول الشاعر:
خدعوها بقولهم حسناء والغواني يغرهن الثناء
حين مد يده نحوها تلقفتها دون تردد بعد أن شعرت باهتمامه بها، وبكل ما يحدث لها من خلال نظراته؛ فاطمأنت لوقوفه معها مبررة أنه ازداد اقترابًا منها، تعاطف معها، وهي تسير وحدها في دروب ملتوية مجهولة النهاية هل مثل ذلك يقنع المتلقي أنا شخصيًا لم أقتنع.
فلجأت إلى الدفاع عن نفسها وتثبت له عكس ما يفكر فيه؛ فخلعت حجابها فكأنها تتحيَّن الفرصة المواتية لفعل ذلك برغم كفاحها وصبرها وثباتها على قناعاتها منذ أن قدمت إلى المجتمع الجديد.
هنا الأمر يدفع للتساؤل لماذا جعلها تخلع حجابها دون أن يبرر حدثًا قويًا يستحق يدفعها إلى التنازل؛ ذلك ليس في صالح فكرة الكاتب فهو يسعى إلى تمكين المرأة من اتخاذ القرارات الجادة القوية في حياتها، ويعول عليها صناعة التغيير في مجتمعها، أما حين استسلمت أمام مديح ومشاعر رجل تواصلت معه خلال مواقف قصيرة وحوارات محدودة المساحة في النص؛ فقد هدم الثقة في المرأة وهز قدرتها على الصمود حيال قضاياها. المفاجأة أن الروائي أوهم المتلقي بالمسار السلبي النهائي تجاه وطنها وقناعاتها الدينية والمجتمعية، كما تقول النهاية العكسية لهذا الإيهام، إذ أثبت النص في نهايته أن الثوابت تبقي عراب الشخصية سارة بعد أن عادت إلى قواعدها.
أحيانًا يظهر ضياع أو انفلات زمام الأمر من تحكم الروائي تجاه بعض الأفكار في مسارات النص كما حدث في تقديم شخصية (قاسم)؛ إذ لم يتركه يدافع عن نفسه أو يبرر سلوكه السلبي تجاه أمه وأخته فلم يكن منصفًا في العدل في تعامله معه؛ فلم يترك له الحرية لتقديم ذواته أو الدفاع عنها أمام ما تدعيه أخته؛ فكأن المؤلف نسى نفسه كروائي وتعامل معه كشخص عادي تعاطف سارة بلا حدود ومع الدمية وألكسندرا بما فيه الكفاية أما قاسم فهمشه، وكذلك (برنارد) لم يقدم الروائي شخصيته بصورة مقنعة، اهتم بمظاهر خارجية آنية ليبرر لسارة انبهارها به.
كذلك غيب الروائي جوانب من شخصية سارة فلم يظهر مصدر إمكانياتها الاقتصادية وتمكنها من الوصول إلى سويسرا، وتعيش في نزل، تملك سيارة، تعيش في حياة مريحة وقد كانت تعاني في بلدها من عدم حريتها المالية، كما لم يشر إلى شخصيتها داخل أسرتها سوى أنها مضطهدة، كيف تعلمت؟ وكيف أتقنت اللغة الثانية؟ وكما يعرف المتلقي الرواية حمالة كل التفاصيل الدافعة للإقناع، كان من الممكن أن يلجأ إلى تقنيات أخرى مثل تيار الوعي.
أحيانًا يعلق الروائي على فكرة لا جدوى منه كما حدث حين عقب على افتراق الابن عن أبويه في المجتمع الغربي في عمر 18 (ص 27)، أعتقد كان ذلك غريبًا في العقود الماضية، وهذه الرواية ابنة الحاضر المفترض لا يتكرر الاندهاش من ذلك الأسلوب مجرد عمل فني صنعته فتخفيه عن صاحبة النزل.
كذلك كان احتفاء المؤلف بمكان هجرة سارة ووصفه التفاصيل أمرًا يثير الاهتمام (النزل البحيرة، النهر والكنيسة) في حين لم تظهر صورة البيئة الجذور، التربية والنشأة؛ أي غاب التوازن في إعطاء الأمكنة حقها بالتساوي، وهذه خيانة فنية وقع فيها الروائي؛ كأنه انتزع الشخصية انتزاعًا دون المرور بالسلاسة الإقناعية؛ فكانت العملية أشبه بالقص واللصق.
يندرج النص فيما يُعرف بالأدب النسوي. الرجل يتبنى قضايا المرأة والدفاع عنها، وهو أمر يذكرنا بالدور الذي قام به الأدباء العرب بداية، مثل: إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي في رواية (ونسيت إني امرأة، أنا حرة..) في مرحلة هيمنة الحداثة – خمسينيات القرن العشرين – والحرية والحقوق والعدالة والمساواة، والالتفات إلى فكرة المرأة والتسلح بموضوعها، المُلفت اهتمام الروائي بالقضية بإخلاص وقناعة وقرب شديد منها لم أسمع في صوته الواعظ أو الموجه المباشر، عرض القضية وفق رؤية أقرب إلى المحايدة ليس من أجل أنها حالة مستهلكة قديمة انتهت ـــ فهي كما نعرف ـــ قديمة حديثة كل جيل يتعامل معها وفق معطيات الجديد فممكن يقول قائل (خلاص فكونا) أصبحت المرأة قادرة على تقديم نفسها بقلمها، وليس بحاجة أن يكتب الرجل نيابة عنها، وبما أن الأمر رأي عام، وأنه من الصعوبة أن يصفو من الشوائب والمعوقات سيبقى مطروحا بقلم الرجل والمرأة على حد سواء، الميزة نبرة الخطاب تتغيَّر كما حدث في (مقتل دمية) قدمها الروائي وفق رؤية مريحة ليس فيها ذلك الخطاب المتعالي.
وحين ننظر في بنية الزمن يظهر تشظي الزمن الروائي وبعثرته، زمن الحدث خضع للتتابع المنطقي إلى حد ما ما بين البداية إلى النهاية (سفر هروب، عودة)، زمن السرد لم يخضع للسياق المنطقي توزع بين الماضي والحاضر والمستقبل تلاعب بالنسق الزمني ليصل إلى خطته، أما بالنسبة لزمن القصة يلاحظ افتقاد الرواية إلى مؤشرات تحدده سواء عبر وسائل أو أحداث أو تواريخ، ما عدا توظيف الهاتف الذي تتواصل من خلاله سارة مع أمها، كذلك سيارة سارة.
حرص الروائي على حضور المتلقي؛ فيوجه له الخطاب المناسب بين الفينة والأخرى في مواضع مختلفة، وهو أسلوب الكتابة الحديثة تفعيل الشراكة مع المتلقي دلالة على إخراجه من دور المتفرج إلى دور المسهم في تنمية البنى السردية، (وأخبركم بما يجري على هذا النحو، لعجزي عن الفصل بين أمرين؛ ولعلكم أنتم كذلك نشعرون بهذا الإرباك الذي أعيشه وتستصعبونه…. وقد علمتم أنني أرصد واقعًا حقيقيًا) ص 51، (وأظنكم ترون قدرتي على وصفه بشكل جيد … )ص 117
(إذ تذكرون أنني لم أغيب ذكرها طوال سرديتي هذه؛ ولعلكم إن عدتم إلى ما قلت..) ص 244
فكما نلاحظ حاول الروائي تأكيد حقيقة الأحداث؛ فأدخل القارئ صلب النص وطوال العمليات السردية يلتفت إلى المتلقي؛ فيشركه فيما يفكر فيه في موقف ما ليعينه على إيجاد المخارج المناسبة من بعض العقبات، من تلك الالتفاتات نحو القارئ قوله:
(الآن، ماذا لو استطعت كتابة قصتي على هذا النحو المغرق في الرومانسية؟ قلت ذلك في نفسي وأنا أغيب في نوبة ضحك….)
حسنًا أظن هذا الكتاب سيحقق نجاحًا.. بحكم أن الكاتبة فتاة. أظنكم تدركون أن قومي سينجحون ….) ص4451
(وأخبركم بما يجري على هذا النحو، لعجزي عن الفصل بين الأمرين)
(.. لا يعني نسيان أنني – رغم استعادتي لعزتي وكرامتي – سأفقد “برنارد” وهل هناك فقد أعظم من ذلك؟! أظنكم تعرفون الآن لما كنت أصرخ حينها. كيف لي الفرح بآدميتي وهي التي جعلتني أطعن قلبي بيدي) ص 254
أتمنى قراءة ماتعة للقارئ للرواية، وما يقدم حولها من مقالات…