يرى علماء النفس “السلوكيون” أمثال: واطسون وسكنر وثورندايك وبافلوف وغيرهم أن سلوك الإنسان في أساسه مُتعلم من خلال تجارب ومواقف متعددة وبالتالي فهو قابل للتعديل؛ وأن السبب الرئيس وراء عدم فهم السلوك الإنساني الظاهر وفهم دوافعه أننا نفتش عن أسباب السلوك في غير أماكنها. فنحن نميل إلى البحث عن أسباب داخلية، تكمن داخلنا مثل: النيات، التوقعات، القرارات، وما إلى ذلك، إذ يتم النظر إليها جميعًا على أنها فقط القوى المحركة لأفعالنا الظاهرة، وعند محاولتنا لتفسير أسباب سلوك الناس نجد أننا نركز على المشاعر وحالات العقل فقط، وقليلًا ما نهتم بالظروف البيئية السابقة أو الحالية التي هي أحد أسباب تشكّل السلوك؛ بالإضافة إلى أن فهمنا للترابط بين الأفكار من خلال الإدراك والاستبصار وبين الانفعالات والسلوك الصادر وترجمتها إلى سلوكيات واقعية يفيدنا ذلك في الحكم على سلوكيات الأشخاص الحالية؛ فإذا اتحدت المشاعر والعواطف والذكريات المخزنة في أعماق الذات البشرية على مستوى الوعي واللاوعي مع بعضها البعض ظهر لنا ما يُعرف بالسلوك الظاهر الذي هو انعكاس لما نراه في الواقع من أشكال السلوك؛ بمعنى أن الأفكار هي أولًا من يستقبل المواقف والأحداث ويفسرها الفرد بناء على الخبرة التي تشكلت لديه من خلال مواقف مشابهة لهذا الموقف؛ ولذلك فسلوك الإنسان في حالة سيولة متصلة ومستمرة؛ علمًا بأنه إذا زاد ترسخ الأفكار في اللاوعي تشكل ذلك على هيئة سلوكيات مجهولة الأسباب؛ وأخيرًا فإننا نقول: إن التعاملات والمعاملات هي المحصلة الأخيرة والنهائية والتعبير الصادق لعُمق الأفكار واتساعها ورسوخها في النفس، والتي تظهر للعامة في هيئة سلوك وتصرفات وأفعال؛ وهذا يرشد الباحثين والمربين والوالدين بأنه بمقدورهم تشكيل سلوك الأبناء أو الطلبة في التعليم؛ وذلك بالتعرف على احتياجاتهم النفسية ورغباتهم الشخصية ونمط تفكيرهم، وهذه هي بعض مفاتيح تغيير الإنسان من خلال هندسة وتنظيم السلوك، وعندما نستطيع تغيير سلوك الإنسان نحو الأحسن وأكثر إيجابية يعني ذلك أننا أوجدنا أفرادًا أسوياء لأنفسهم ولمجتمعاتهم.
• عضو الجمعية السعودية لعلم النفس (نفس)